يشهد العالم في المرحلة الحالية، عودة قوية لانتشار فيروس «كورونا» المستجد، نتيجة ظهور المتحور الجديد سريع الانتشار من الفيروس، المعروف باسم «أوميكرون»، والذي بات يغزو العالم دون رادع، لتشهد أعداد الإصابات حول العالم، ارتفاعاً كبيراً، حتى تجاوزت حاجز الـ 190 مليون إصابة، مع مطلع العام الجديد، وهو ما يطرح من جديد، الحديث عن معركة الوعي، باعتبارها العامل الأكثر أهمية في مواجهة خطر وباء «كوفيد 19».
وعلى الرغم من المؤشرات الإيجابية التي أظهرتها الموجة الخامسة من الوباء، والتي يقودها المتحور «أوميكرون»، والمتمثلة في ضعف التأثير الصحي لهذا المتحور الجديد، الذي يبدو حتى الآن أنه أقل فتكاً من السلالات أو المتحورات السابقة، حيث سجلت أغلب الحالات أعراضاً طفيفة، إلى جانب ما أظهرته المؤشرات الصحية الأولية، من أن اللقاحات المتوافرة حالياً، تتسم بدرجة عالية من الكفاءة في مواجهة المتحور الجديد، في الوقت الذي يتوسع فيه العالم في تلقيح الناس، حتى تجاوز إجمالي عدد اللقاحات المضادة لـ«كورونا»، التي جرى إعطاؤها في أنحاء العالم، تسعة مليارات جرعة في مطلع العام الجديد..
على الرغم من هذه المؤشرات التي تخفض من حدة التوتر العالمي، بشأن خطورة المتحور الجديد، فإن ذلك لا يقلل من جوانب الخطر التي يشكلها الانتشار السريع وغير المسبوق لهذا المتحور، حيث اتجهت العديد من دول العالم، إلى تشديد إجراءاتها التقييدية من جديد، بما في ذلك قيام البعض بفرض الإغلاق الجزئي أو الكلي وحظر السفر، وهو أمر يشكل بلا شك تهديداً للاقتصاد العالمي، وقد يعطل موجة التعافي الاقتصادي العالمي، التي بدأت بالفعل خلال العام الماضي.
وقد حذرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بالفعل، من أن التباطؤ الجديد المرتبط بتفشي متحور «أوميكرون»، قد يتسبب، على الأرجح، في زيادة حدة البطالة في الولايات المتحدة، وتراجع معدل النمو الاقتصادي في القارة الأوروبية من جديد، وقد يتسبب في إحداث بعض الاضطرابات في سلاسل التوريد العالمية.
وبصرف النظر عن الجدل المثار بشأن حدود الخطر الذي سيشكله متحور «أوميكرون»، وما إذا كان سيشكل بداية النهاية لجائحة «كوفيد 19»، من خلال اكتساب سكان العالم لمناعة جماعية، عبر انتشاره السريع، كما أشار وزير الصحة الفرنسي، أوليفييه فيران، أو بداية لظهور متحورات أكثر خطورة.
كما حذرت منظمة الصحة العالمية في منطقة أوروبا، فإن الأمر الذي لا شك فيه، أن الرهان سيكون في جميع الأحوال مبنياً على الوعي المجتمعي، بأهمية التعامل بجدية مع هذا الوباء بمتحوراته المختلفة، لا سيما أن الكثير لا يزال غير معروف حتى للعلماء أنفسهم، وهذا يتطلب الإسراع إلى أخذ الجرعات المطلوبة من اللقاحات، بما في ذلك اللقاحات التعزيزية أو التنشيطية، والالتزام بإجراءات التباعد الجسدي، ولبس الكمامات، والالتزام بكافة الإجراءات الاحترازية التي تضعها السلطات المعنية.
وقد أثبتت تجربة العامين الماضيين، أن الدول أو الشعوب التي نجحت في معركة الوعي، كانت هي الأقل تضرراً من خطر هذا الوباء، وأسرعها في التعافي من تبعاته.
ولا يزال هذا هو الرهان الرئيس لمواجهة المتحور أو ميكرون، أو غيره من المتحورات، التي قد تظهر من جديد.
لقد نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة، في التعامل مع الموجات الأولى من الفيروس، التي ضربت العالم، وقدمت نموذجاً مدهشاً في التعامل مع هذه الجائحة، بفضل حكمة قيادتها الرشيدة، والتزام شعبها وكافة المقيمين فيها بالإجراءات الاحترازية، وهذا النموذج، يجب أن يظل براقاً في العالم كله، من خلال كسب معركة الوعي.