«الشجرة المثمرة ترمى بالحصى»، هذا المثل يردده الناس كثيراً، وحق لهم أن يفعلوا، لأنه يحمل في طياته الكثير من الحقيقة، ولا شك أن دولة الإمارات العربية المتحدة شجرة أثمرت الكثير من النجاحات والتقدم في جميع المجالات، حتى غيرت نظرة الغرب والعالم تجاه المنطقة بأكملها وليس تجاه الإمارات فقط، هذا وإن دل على شيء، دل على أن المثل الذي ذكرناه في مطلع المقال لا ينطبق على هذه الدولة المثمرة اقتصادياً وثقافياً وعمرانياً، لأن رمي الأشجار المثمرة بالحصى، لا يكون إلا طمعاً بالثمار، وهذا مبرر، ولكن دولة الإمارات العربية المتحدة قطوفها دانية، أتاحت للجميع أن يستفيد من ثمار نهضتها، وقد آتت المنطقة العربية أكلها من الازدهار الذي حققه الاتحاد، ولذلك لم أجد تفسيراً لهذا الرمي بالحصى إلا بعد أن تأملت في وجه الرامي وتوجهاته، فوجدت الوجوه مختلفة بعض الشيء، ولكن التوجهات متشابهة، فهي إما «حوثية» لا تريد السعادة لليمن، وإما «حماسوية» لا تريد الحلول الحقيقية للقضية الفلسطينية، وإما من «حزب الله» الذي لا يريد الهدوء للبنان، وهذه الفئات ومن على شاكلتها يقبعون في جانب الفوضى، على الطرف الآخر الذي تسعى إليه الإمارات، وهو الاستقرار والرخاء لشعوب المنطقة، وبضدها تتميز الأشياء.

لن أتكلم عن الحاضر كثيراً، لأن صفحات الماضي فيها ما يكفي من الحق ليهتدي به الباحث الصادق إلى الحقيقة، فلو عدنا إلى ما قام به الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، منذ بداية التأسيس، لوجدنا أن المغفور له بإذن الله قام بفتح الأبواب على مصراعيها لأبناء المنطقة، وكان اهتمامه بالعلم والثقافة وبناء الإنسان اهتماماً ملفتاً، الأمر الذي ساهم بجذب الكثير من الأشقاء والأصدقاء إلى الاستقرار في الدولة، الذين وجدوا أبواب الحياة الكريمة مفتوحة على مصراعيها للجميع، وأدركوا بعد الأعوام التي قضوها بأنهم آووا إلى ركن شديد.

وقد كان احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤون الآخرين من أولويات القادة في الإمارات، ولحسن الحظ، الكثير منا عاصر الشيخ زايد، زايد الخير، طيب الله ثراه، وراقب عن كثب كيف كانت حكمته وكيف كانت أياديه البيضاء تصل إلى القاصي والداني، وكيف كان عوناً لأشقائه وأصدقائه في المنطقة والعالم، وهو القائل: إن الثروة الحقيقية هي ثروة الرجال وليس المال أو النفط ولا فائدة في المال إذا لم يسخر لخدمة الشعب، وهذا ما جعلنا نوجه موردنا لبناء الفرد وتسخير الثروة التي منحنا الله إياها في خدمة الأمة. وهذا يؤكد أن الإمارات كانت ومازالت وستظل قطوفها دانية للجميع، للشعب وللأمة، ولذلك نتساءل، لماذا الإمارات؟ وهذا نهجها الذي تسير عليه اليوم، في عهد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، والنهج الذي أرسى دعائمه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وقد رأينا كيف تجلى هذا النهج في التعامل مع أزمة كورونا التي تعصف بالعالم، وكيف كانت التبرعات الطبية والغذائية في عز الأزمة تصل للجميع دون استثناء. أفعال الرجال تدلك على نبل غاياتهم وحسن تصرفاتهم، وأما من يرمون أنفسهم بالحصى، فلن تجدهم إلا أمام «المايكروفونات»، يقولون ما لا يفعلون، ولا يغرون إلا من في قلبه مرض.