يترقب الفلسطينيون في قطاع غزة، باهتمام وتقدير عاليين، افتتاح المستشفى الميداني الإماراتي بقطاع غزة «مستشفى الشيخ محمد بن زايد»، بتمويل كريم من دولة الإمارات العربية المتحدة امتداداً لدورها الإنساني، وللنهج الذي رسخته منذ تأسيسها زمن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، واقتداءً بمقولاته الأخوية العميقة: «إن قضية فلسطين هي قضية العرب أجمعين، وهي أمانة مُقدسة في أعناقهم.. إن إيماننا بقضية فلسطين بعض من إيماننا بعروبتنا تاريخاً ونشأةً وكياناً».
يأتي المستشفى الذي تُقيمه دولة الإمارات جنوبي قطاع غزة، في ظرف استثنائي وضاغط يعيشه سكان القطاع، تتفاقم معه أزماتهم الإنسانية وتشتد فيه معاناتهم على كل صعيد في ظلّ تشديد الحصار الإسرائيلي واستمرار الانقسام الداخلي، وما خلفاه من ضعف وهشاشة في القطاع الصحي لأكثر من 15 سنة ثقيلة عانى منها الفلسطينيون معاناةً شديدة، فضلاً عن أن استجابة دولة الإمارات لتشييد المستشفى الميداني المتكامل والمخصص لعلاج مصابي فيروس كورونا تأتي في وقتها مع ارتفاع أعداد الإصابات اليومية بالفيروس إلى معدلات غير مسبوقة، وزيادة الحالات التي تحتاج إلى رعاية صحية خاصة تفتقدها مشافي القطاع، ومع توقعات لوزارة الصحة الفلسطينية باشتداد الموجة الرابعة من الجائحة خلال الأسابيع المقبلة.
الشاهد أن قيادة دولة الإمارات وهي تمدّ أيادي بيضاء دعماً وإسناداً للفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم، وفي المجالات كافة، إنما تتوخى الاعتبارات الإنسانية دون سواها، مراعاةً لما تفرضه الصلات الأخوية وما تُعززه الروابط المشتركة مع الشعب الفلسطيني، بلا غايات سياسية، ودون ارتباط بتوجهات ولون المستفيدين دولاً أو جماعات أو أفراداً، وهذا ما يعرفه الفلسطينيون حق المعرفة ويقدرونه للأشقاء الإماراتيين، لا سيما في ظلّ سياسات الدعم الموجّه والمشروط ومناخ العطاء والترغيب من حولهم، ودائماً لأهداف وغايات وظيفية وسياسية لا تعرفها دولة الإمارات.
لقد أدرك الفلسطينيون هذه الحقائق التي تجسدت على امتداد سنين، والعلاقات الأخوية مع دولة الإمارات. فمنذ زمن الراحليْن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والزعيم ياسر عرفات، رحمه الله، كانت دولة الإمارات وما زالت ملاذاً آمناً ومستقراً للفلسطينيين طالما لجأوا إليها، فلا يمكن لمتابع أن يغفل الدعم اللامحدود الذي قدمته ولم تزل «إمارات زايد الخير» بعطاء منقطع النظير لفلسطين وللفلسطينيين أينما كانوا وللجالية الفلسطينية على أرض الإمارات في زمن صعب يحتاج فيه الشقيق لشقيقه.
ويكفي للمراقب المنغمس في تفاصيل الشأن الفلسطيني أن يستحضر راهناً- وبكل حيادية وتجرد- خارطة المساعدات الإنسانية المتدفقة والممتدة إلى الأرض الفلسطينية من أقصاها إلى أقصاها، ليتبين هذه الحقيقة: من دعم دولة الإمارات لميزانية السلطة الفلسطينية وقت قيامها سنة 1994، والمساهمة المستمرة في دعم ميزانية وكالة الغوث الدولية لفائدة اللاجئين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم كافة، وبناء المخيمات المدمرة بفعل العدوان الإسرائيلي، وإقامة ضاحية الشيخ زايد في مدينة القدس المحتلة 2002، وإقامة مدينتي الشيخ زايد والحي الإماراتي شمال وجنوب قطاع غزة سنتي 2005 و2015 على التوالي، والمساعدات الإنسانية والتنموية والخيرية والترفيهية والتعليمية ومشاريع كفالة الأيتام عبر مؤسسة هيئة الأعمال الخيرية الإماراتية والهلال الأحمر الإماراتي، إضافة إلى ما تقدمه المؤسسات الفلسطينية بتمويل من دولة الإمارات، منها على سبيل المثال لا الحصر: المركز الفلسطيني للتواصل الإنساني (فتا)، واللجنة الوطنية الإسلامية للتنمية والتكافل الاجتماعي (تكافل)، وهي مؤسسات نشطت في تلبية احتياجات الفلسطينيين في قطاع غزة منذ ما يزيد على 15 سنة في مشاريع برامج التشغيل المؤقت، والإنجاب وعلاج العقم، ومساعدة الطلبة الجامعيين في تسديد رسومهم الدراسية وتحرير شهاداتهم، ومشاريع الزواج الجماعي، ومساعدة الصيادين، وتوفير الأدوات الطبية المساعدة للأشخاص ذوي الإعاقة، ودعم القطاع الصحي عبر توفير أجهزة الفحص والتنفس الصناعي ومحطات الأكسجين والأدوية والمستهلكات الطبية، وسيارات الإسعاف، ولقاحات كورنا، وكان آخرها مليون جرعة لقاح سبوتنيك في شهر يناير 2022، وغيرها من الخدمات التي يصعب حصرها.
المواقف الأخوية العميقة تزيد الفلسطينيين فخراً واعتزازاً بأشقائهم وفي مقدمتهم الأشقاء الإماراتيون قيادةً وحكومةً وشعباً وخاصة أنهم يبحثون في درب تطبيب آلامهم وبلسمة جراحهم.