ونحن نسير في طريقنا إلى النجاح نواجه الكثير من العقبات، والتعامل السليم مع هذه العقبات هو السبيل الوحيد للوصول إلى النجاح، والإنسان الناجح هو الإنسان الذي لا يسمح للعقبة التي يواجهها بأن تصبح مشكلة تعيق تقدمه نحو الهدف الذي يريد الوصول إليه.

تجاهل العقبات لا يعتبر نوعاً من أنواع التفاؤل، ولا يعتبر حلاً للتخلص منها، حيث إن الإقرار بوجود العقبات ومناقشتها، والحديث عنها، هو السبيل الأمثل لإيجاد الحلول، وكما يقول المثل: إن أول خطوات العلاج هي معرفة المرض، ولا يمكن التعرف على المرض أو العقبة إلا بعد التعرف على أسبابها، لكن البعض يقع في غرام الحديث عن العقبات التي يواجهها، ولا يفرق بين النقاش الذي يساعدنا على تصحيح المسار، والتذمر الذي لا غرض منه سوى الاستسلام وتبرير الفشل، والحقيقة أن لذة الحديث عن المشكلة تجعل الإنسان ينسى حلاوة الوصول إلى الحل.

ولكن العظماء لا يقفون طويلاً أمام العقبات، ولا يتلذذون بالشعور بالأسى على أنفسهم، وإنما يستبدلون لذة الحديث عن المشكلة، بمتعة الوصول إلى الحل، وهذه العقليات لم تصل إلى هذا المستوى من السلوك عن طريق الصدفة، وإنما بتدريب النفس وبرمجة الدماغ على هذا النهج، فهذا عبدالرحمن بن عوف، رضي الله عنه، عندما ترك أرضه وماله وهاجر من مكة إلى المدينة المنورة، ولم يكن لديه من المال إلا القليل، فجاءه سعد بن الربيع، رضي الله عنه، وعرض عليه أن يعطيه نصف ما يملك، وكان سعد من أثرياء الأنصار، فرفض ابن عوف هذا العرض المغري الذي سيحل له عقبة الفقر التي يواجهها، وقال له: دلني على السوق، فاشتغل بالتجارة، وبعد ذلك أصبح عبدالرحمن بن عوف، رضي الله عنه، من أثرياء المدينة وكبار تجارها.

ولكن المسألة التي من أجلها تحدثنا عن هذه القصة، هي أن ابن عوف لم يمكث طويلاً في الحديث عن العقبة التي يواجهها، ولم يسمح لها بأن تكبر وتصبح مشكلة تعيق طريقه، ولذلك وجد الحل في أسرع وقت ممكن، وتعدى تلك العقبة في وقت قياسي، وبمثل هذه العقلية الجبارة علينا أن نواجه العقبات، حتى لا تفقدنا لذة الحديث عن المشكلة متعة الوصول إلى الحل.