الحوادث التي نشهدها في رحلات الهجرة غير الشرعية والتهريب عبر البحر، ما يسفر عن مزيد من الضحايا غرقاً، وما يتبعها من نكبات وخسائر في الأرواح باتت تتكرر كل يوم على مرأى ومسمع العالم أجمع، وتأتي في غياب أي تحرك جدي للحكومات والجهات الدولية المولجة لحماية الحدود البحرية، والرقابة عليها.
ففاجعة طرطوس، التي راح ضحيتها الكثير، وفاجعة تونس قبل يومين، التي جعلت عائلات تتظاهر، لمطالبة السلطات بالعثور على مفقوديها في البحر، يتحمل مسؤوليتها المجتمع الدولي ومنظماته الأممية ذات الصلة، فلا بد من وضع خطة طوارئ سياسية-اجتماعية- أمنية ودبلوماسية متكاملة، تتضمن التنسيق والمتابعة والرصد بين الحكومات والمنظمات الدولية، لمراقبة تجار الموت ومعاقبة المتورطين، والمستفيدين من هذه التجارة.
لا بد من التمعن به لفهم مسببات مغامرات الهجرة غير الشرعية، والبحث عن حلول لها ليس فقط بمراقبة الحدود، وإنما أيضاً بمعالجة الأزمات السياسية والاجتماعية أشاعت حالة من فقدان الأمل في الخروج سريعاً من المشكلة الاقتصادية، فالضحايا كانوا يبحثون عن مستقبل أفضل، وتحسين أوضاعهم المعيشية، التي ساءت.
حيث إن انسداد الأفق دفع هؤلاء لركوب البحر بحثاً عن حياة أفضل، والهجرة إلى الموت، لاستيعاب صرخات قهرهم من الحكومات، التي لم توفر لهم الحد الأدنى للعيش، وأغلقوا في وجوههم كل فرص الحياة، وصار للأسف الموت الجماعي غرقاً أحسن من العيش جوعاً.هذه المآسي والكوارث الإنسانية شبه اليومية، التي تحصل بحثاً عن الهجرة الآمنة إلى أوروبا، التي أودت بحياة عائلات، من بينهم أطفال ونساء قاسمهم المشترك يأس وحاجة ملحة للهرب، جاءت لتدق ناقوس الخطر بضرورة وضع سياسات عاجلة وخطة مستدامة، لتعزيز قدرة الشعوب الفقيرة على الصمود بدل اللجوء إلى قوارب الموت، والخضوع لتجار الموت.