تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية بمرور نصف قرن على تدشين العلاقة بين الدولتين الشقيقتين، وهو ما يؤكد ويعكس قوة وخصوصية العلاقات المصرية الإماراتية في جميع المسارات السياسية والاقتصادية والعسكرية. حيث كانت مصر من أوائل الدول التي دعمت قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1971، وسارعت إلى الاعتراف بها فور إعلانها، ودعمتها دولياً وإقليمياً باعتبارها ركيزة للأمن والاستقرار وإضافة جديدة لقوة العرب واستندت العلاقات بين البلدين إلى أسس الشراكة الأخوية الاستراتيجية منذ ذلك التاريخ.

ومما لا شك فيه أن ما يميز العلاقات المصرية الإماراتية، هو أنها علاقات عميقة الجذور قائمة على الوعي والفهم المشترك لطبيعة المتغيرات الإقليمية والدولية التي شهدتها وتشهدها المنطقة، ويحظى البلدان بحضور ومكانة دولية وخاصة مع ما تتميز به سياستهما من توجهات حكيمة ومعتدلة ومواقف واضحة في مواجهة التحديات الإقليمية المرتبطة بإرساء السلام، ودعم جهود استقرار المنطقة، ومكافحة التطرف والإرهاب وتعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات.

 العلاقة بين البلدين شكلت نموذجاً للعلاقات الأخوية العربية العربية، القائمة على الوقوف معاً ضد كل التحديات والمخاطر التي تواجه الأمن القومي العربي. ويمكن القول إن العلاقة المتميزة الآن بين القيادتين والشعبين المصري والإماراتي، إنما هي استمرار لمسيرة العلاقات الوثيقة والمتميزة بين البلدين، وما يجمعهما من مصير ومستقبل واحد، حيث وقفت الإمارات دوماً بكل ما تملك من دعم سياسي واقتصادي بجانب مصر الدولة والإنسان، وهذا الدعم مثل امتداداً للعلاقة التاريخية الخاصة التي تجمع شعبي البلدين، والتي أرساها المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ويدعمها بقوة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله.

الركيزة الأساسية لطبيعة تلك العلاقة الأخوية تتمثل في منظمة «الاستثمار في الاستقرار»، إذ إن من يتأمل طبيعة وتفاصيل العلاقات المصرية الإماراتية يتأكد له صدق النوايا والتوجهات وكذلك التوافق والتطابق في وجهة نظر الدولتين الشقيقتين تجاه القضايا الإقليمية والدولية؛ وخصوصاً في القضايا المصيرية والإنسانية. 

الإمارات ومصر شريكان أساسيان في محاربة الإرهاب والفكر المتطرف، حيث تتفق الدولتان على ضرورة احترام القانون الدولي، ومكافحة الفكر المتطرف والتنظيمات الإرهابية، وإرساء قيم التعايش المشترك وقبول الآخر، وحل الخلافات بين الدول بالطرق السياسية والسلمية وطاولة الحوار، و«الاستثمار في الاستقرار» هو أفضل طريق لبناء المستقبل في الإقليم العربي، ولهذا تعمل مصر والإمارات بشكل دائم من أجل تعزيز العمل العربي المشترك، وتوحيد الصوت العربي في مواجهة كافة التحديات والتدخلات الخارجية.

وعلى الصعيد الاقتصادي، تشكل الجوانب الاقتصادية أحد الأعمدة القوية للعلاقات المصرية الإماراتية، وقد ساهمت الإرادة السياسية القوية لدى قيادتي البلدين في الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية حتى أصبحت نموذجاً في العلاقات العربية والإقليمية، حيث يعد السوق الإماراتي الوجهة الأولى للصادرات المصرية ويستقبل سنوياً نحو 11% من إجمالي صادرات مصر للعالم، في حين تساهم الإمارات في السوق المصرية بمشروعات تزيد استثماراتها على 15 مليار دولار، بالإضافة إلى تأسيس منصة استثمارية بـ20 مليار دولار، بحسب بيانات رسمية للحكومة المصرية.

أما على الصعيد السياسي فقد وصلت خصوصية العلاقات بين الدولتين إلى ذروتها خلال الفترة الحالية، فقد شهدت تطوراً كبيراً ونوعياً في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية وغيرها، ونمواً ملحوظاً في معدل التبادل التجاري، وزيادة كبيرة في حجم الاستثمارات الإماراتية في القطاعات الاقتصادية المصرية المختلفة.

ويتطلع البلدان تحت القيادة الحكيمة لكل منهما للمزيد من التلاحم والتعاون بين بلدين عربيين شقيقين تجمعهما أواصر المحبة والاحترام، وستظل الإمارات في عهد شيوخها الكرام السند والداعم لمصر، وسيسير الأبناء دائماً على درب الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي ظل عاشقاً ومحباً لمصر وشعبها.