«الذكاء المتعدد» مفهوم أطل به الباحث رينو كيميولين، واستند فيه إلى نظرية طورها عالم النفس الأمريكي هوارد غاردنر عام 1983، يؤكد فيها على وجود أنواع مختلفة من الذكاء. وبالتدقيق في تفاصيل هذا المفهوم وإسقاطه واقعياً، فما خلص إليه كيميولين يبدو صحيحاً، فهناك الذكاء العلمي والرياضي والعاطفي والاجتماعي، ولعل الأخير يبدو غريباً نوعاً ما، لا سيما على أولئك الذين لم يتعودوا اسمه. في الواقع نحن جميعاً لسنا على سوية واحدة اجتماعياً وثقافياً وعلمياً، فكل واحد منا له مستواه وحدوده المعرفية وقدراته الخاصة على التفاوض والعلاقات الاجتماعية والتفاعل مع البيئات المحيطة به، ولكل واحد منا قدرته الخاصة على الانسجام والتآلف الجيد مع الآخرين، ولكل واحد منا نقاط ضعفه وقوته في مجالات معينة، وهو ما سعى كيميولين إلى إثباته، ليؤكد بأنه لا يوجد هناك طريقة واحدة للتعلم ولا يوجد هناك تعريف واحد للذكاء.
الذكاء الاجتماعي لا يقل أهمية عن نظيره العلمي، والحاجة إليه عالية، ليس في مساحتنا الذاتية وأماكن إقامتنا وحسب، وإنما في كل مكان يوجد فيه إنسان، كون هذا الذكاء يفتح عيوننا على الحياة الاجتماعية بمفهومها الخاص والعام، وطبيعة تعاملاتنا مع البيئة المحيطة بنا بدءاً من البيت وليس انتهاء بمكان العمل، والتي تحتاج منا إلى رفع مستوى ثقتنا بالآخر، فمن دون الذكاء الاجتماعي لا يمكن للإنسان مواصلة حياته، كونه يفقد الثقة في كل شيء، ويصبح عرضة للإحباط الدائم، ما يدخله في دوامة اليأس والملل.
ولكن ما يميز الذكاء الاجتماعي بأنه مكتسب وليس فطرياً، فلا أحد منا يولد متسلحاً بهذا الذكاء، وإنما يجب عليه أن يعمل على تطوير المهارات التي تساهم في تعزيز ذكائه الاجتماعي وتنميته، وهو ما يساعده على الإحساس بمشاعر الآخرين والتعامل مع المواقف والأزمات والتحديات التي يواجهها في الحياة، والتي تحتاج إلى التسلح بالصبر واستخدام تقنيات الذكاء الاجتماعي.
مسار:
الذكاء الاجتماعي يرفع مستوى ثقتنا بأنفسنا وبالناس.