في المراحل الدنيا كنا نتسابق في رفع أيدينا للإجابة على الأسئلة المطروحة، وكنا أكثر فخراً عندما تكون أجوبتنا صحيحة والتي غالباً ما تكون محددة في المنهج أو مدروسة مسبقاً.
بمرور الوقت وخاصة في مرحلة الدراسات العليا أدركت أن طرح السؤال يعد أهم من الإجابة عليه.
هناك مصطلح شائع في مجال برمجة الحاسوب لا يخفى على كثير منا أن «المدخلات الخاطئة تؤدي إلى مخرجات خاطئة»، وهذا يقر على أن السؤال الخاطئ أو غير الصحيح يحمل في طياته افتراضات أو تصورات غير صحيحة استناداً على معلومات هشة، أو مفبركة أو غير دقيقة بغض النظر إن كان السائل متعمداً أم لا.
بالمقابل، السؤال الصحيح يفتح مجالات لا متناهية للبحث والتفكير واحتمالات لإجابات عديدة قد يكون جميعها صحيحاً.
تعد الأسئلة أكثر أهمية من الإجابات لأنها من المفترض أن تسعى إلى التوضيح، أو التقييم، أو الاستفسار، أو الإضافة، أو تحدي الوضع الراهن.
من الناحية الأخرى تعتبر الإجابات مؤقتة، وقد تتغير جودتها بمرور الوقت، وقد تختلف باختلاف الزمان، والمكان، والأشخاص، والظروف.
والأهم من ذلك، دائماً ما تحتاج الإجابات إلى إعادة تقييم، أو تحديث. طرح السؤال الصحيح فن يحتاج إلى تعلم. تعلم طرح السؤال الصحيح دليل على الفهم، والاستيعاب والتقبل والاستعداد وإعادة النظر مع التفكير ملياً وقد يعني التراجع في بعض من الأحيان.
إذا سألتني ما هو أكبر درس مستفاد بعد الانتهاء من مرحلة الدكتوراه، سأقول لك بكل فخر تعلمت أن أهتم في كيفية طرح السؤال الصحيح قبل أن أهتم ماهي الإجابة الصحيحة.
السؤال الصحيح وفي الوقت المناسب هو مساهمة وإثراء ليس في الجانب التعليمي فقط وإنما لتطوير البشرية لمزيد من الاكتشافات، والإبداع، والابتكار، والإضافة.
ماذا لو أدركنا بأن البقاء فضوليين في طرح المزيد من الأسئلة الصحيحة يعد أهم من الحصول على الإجابات؟ خصوصاً إذا كانت الإجابة على أسئلة مضللة.