انتهى العام 2022 حاملاً معه إنجازات متنوعة، وضعت الإمارات على خريطة العالم، مجتمعاً نشطاً حافلاً بإنجازات مادية متنوعة، ومجتمعاً قائماً على منظومة أخلاقية وقيمية، تحترم من قبل الجميع. لقد استحقت الإمارات هذه الإنجازات المادية والأخلاقية بجدارة، ففي العام 2022 حافظت الإمارات على المراكز الأولى في العديد من المؤشرات التنموية، بدءاً من تلك الإضافات الجديدة للبنية التحتية، مروراً بالجواز الاماراتي، الذي استحق، بفضل السياسة الخارجية النشطة المركز الأول، الذي يمكن حامله من دخول أكثر من 180 دولة من دون تأشيرة مسبقة، ليصبح الجواز الأقوى عالمياً.

ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة، التي مر بها العالم، خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، إلا أن دولة الإمارات استمرت في الاستثمار ليس فقط في البنية التحتية والإنسان، بل وفي مشاريع مستقبلية طموحة، فالاستثمار في مشاريع الفضاء يعكس رغبة الدولة في مواكبة المتغيرات العلمية العالمية، ففي العام 2022 تم إطلاق المستكشف راشد للقمر، الأمر الذي ينم عن رغبة طموحة في دخول نادي الفضاء بكل ما تحمله العضوية في ذلك النادي من التزامات علمية ودولية وأخلاقية، كما شهدت الإمارات طفرة ثقافية، جعلتها في مصاف الدول المتقدمة. هذا الانتعاش يعنى أن الإمارات لم تهمل جانباً تنموياً على حساب آخر.

من جانب آخر، فإن دولة الإمارات مدركة دورها الاقتصادي العالمي، ومكانتها الدولية، وأنها تمثل ثقلاً اقتصادياً في المنطقة، وفي العالم، فالتوقعات بانتعاش اقتصادي قدره 4 % هو المتوقع لها في العام 2023 على الرغم من كل المتغيرات العالمية والتذبذبات في مجال الطاقة والاستثمار، وبالطبع يرجع الفضل في هذه الإنجازات، التي تحققت للتخطيط السليم ورؤية القيادة الرشيدة لمستقبل الإمارات، فقد وضعت الدولة نصب عينيها رفاهية الإنسان أينما كان.

التنمية المادية ليست وحدها ما جذب اهتمام المراقبين لتطور الدولة، وبروزها على المسرح العالمي بكل قوة، فالأهم والذي حاز إعجاب أولئك المراقبين هو تلك المنظومة الأخلاقية والسلوكية، التي يتمتع بها شعب الإمارات سواء المواطن أو المقيم، فالمراقب لحركة سير الحياة، والنشاط اليومي يلاحظ - وبدقة- منظومة القيم الأخلاقية والسلوكية، التي تحكم سلوكيات الأفراد في الإمارات، فالإمارات دولة حق وعدالة اجتماعية، فالجميع أمام القانون سواء لا فرق بين شخص وآخر، الأمر الذي دفع الجميع للإحساس بأن هناك مرجعية وحيدة، يقف أمامها الجميع مهما كانت طبقته أو منصبه أو وظيفته. هذه المنظومة القانونية والسلوكية ضبطت السلوك البشري ونظمته، ورتبت الأوضاع العامة، فلا غرو أن تبدو مدن الإمارات منظمة ونظيفة، ويراعي فيها الفرد القانون ويحترمه، كما يحترم الفرد الآخرين، ويتعايش معهم بطريقة فيها الكثير من التقدير والاحترام، فمنظومة القيم الأخلاقية تعد من أهم ركائز تقدم الدول، وهي صمام الأمان متى ما اهتزت السياسات المجتمعية، وتعرض المجتمع للتغير أو حدث خلل ما، أثر بشكل أو بآخر على الفرد وتوقعاته، فحين يمتلك الإنسان منظومة قيمية وأخلاقية فهو يمتلك نوعاً من الحصن الحصين، الذي ينظم حياته ويحميها، كما أن بروز هذه المنظومة واحترامها يوحي بنضج الفرد وتعامله السوي مع غيره سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات رسمية، وفي الإمارات يبدو حرص المؤسسة الرسمية واضحاً في حماية القيم المشتركة للإنسان، فمن دون تلك القيم التي يحرص عليها الجميع لن يكون هناك عيش مشترك أو تعايش سلمي.

لقد نجحت الإمارات في تأسيس مجتمع متطور مادياً، تواكب نهضته تلك الحاصلة في الدول الحديثة، والأهم أنها نجحت في خلق مجتمع على الرغم من عدم تجانسه الديموغرافي، إلا أنه أسس لنفسه منظومة قيمية، كانت السبب في استمرارية تطوره وازدهاره، فالدول تبنى وتتقدم ليس فقط على الحضارة المادية، ولكن على الحضارة الأخلاقية. لقد نجحت الإمارات في جذب ملايين العقول، لتعمل وتعيش وتستثمر في الدولة، كما نجحت في خلق مجتمع عالمي، تتعايش فيه كل تلك الجنسيات، ووفرت لها حرية الفكر والمعتقد. هذه هي الإمارات، التي وضع لها الآباء المؤسسون دستورها المدني والقيمي، والتي حافظ الأبناء المؤسسون على منظومة تلك القيم، وجعلوها منهاجاً للحياة. إن التوقعات المستقبلية لدولة الإمارات تنبئ باستمرار النمو والتطور الحاصل، حسب الاستراتيجيات الموضوعة، كما أنه من المتوقع أن تظل الإمارات نقطة جذب لملايين آخرين، تجذبهم قوانين وتشريعات الدولة، ومنظومة القيم الأخلاقية السائدة في الإمارات.

 

* جامعة الإمارات