باستطاعتنا أن نؤكد بأن التركيز على مبادئ الأخوة الإنسانية التي تشجع على التسامح والتعايش والتعاون والوحدة بين البشر، كانت بدايته العملية في عام 2019 من خلال المبادرة التي تقدمت بها دولة الإمارات بأن تخصص منظمة الأمم المتحدة يوم الرابع من فبراير من كل عام يوماً دولياً للأخوة الإنسانية.

إن تقبل الآخر المختلف، هي واحدة من أهم مبادئ وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية التي وقعها كل من قداسة البابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية والإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف في مثل هذا اليوم من العام 2019 في عاصمة التسامح أبوظبي، ومسألة تقبل الآخر وقيم التعايش المشترك هو البديل الناجع لحالة الاحتراب والتقاتل نتيجة لرفض كل واحد للآخر.

علينا تغليب المصلحة الإنسانية والاتفاق على التعاون والتعايش، والعمل بمبدأ «الكل رابح»، والحرص على حل المشكلات والخلافات عبر الحوار والتفاهم والمفاوضات، طبعاً هذا لا ينطبق فقط على الدول بل ينطبق على كل الجماعات والأحزاب بما فيها الذين يستخدمون وسائل لاستفزاز الآخرين من خلال التعدي على المقدسات مثلما يفعل البعض من حرق القرآن الكريم أو التعدي على دور العبادة.

الحاجة إلى نشر مبادئ الأخوة الإنسانية ليست رفاهية كما تخبرنا المشاهد في مختلف بقاع الدنيا وإنما هي حاجة تفرضها مقتضيات حقيقية. ولكي نكون قريبين من المناسبة التي يحتفل بها العالم اليوم فإن عالمنا يغلي في العديد من المناطق أغلبها إن لم تكن كلها تصب في خانة (عدم تقبل الآخر) لو أخذنا الحدث الأخير في مدينة بيشاور الباكستانية سنجد أن العنف والإرهاب والتطرف في الفكر هو الذي يقف وراء ذلك، ولو أردنا أن نتجه إلى العراق واليمن لن يختلف الأمر كثيراً بل يكاد يكون أصعب، كونها حرباً أهلية، الحال ينطبق كذلك على ليبيا وأغلب المناطق التي تشهد حروباً ونزاعات في العالم.

ما بين عام 2019 واليوم هناك العديد من المصاعب والتحديات مرت على عالمنا بل إن المؤشرات المتداولة والمتوقعة لا تبشر كثيراً ليس فقط في ناحية التنافس البشري ولكن هناك تحديات أخرى ذات طبيعة مختلفة تحتاج من كل الإنسانية التآخي والتعاون والتكاتف والعمل مع بعضهم البعض للوقوف في وجهها من أجل أنفسهم ومن أجل الإنسانية، فهناك التغيير المناخي وتأثيراته على البشرية وهناك الأمراض الوبائية والغذاء والمياه وغيرها مما تدفع بأصحاب الشأن في المنظمات الدولية والإقليمية والحكومات والدول الكبرى في التفكير والتركيز على هذا المبدأ الذي يدعو إلى التسامح والتعايش من أجل العمل مع بعض.

مما لا شك فيه أن اليوم الدولي للأخوة الإنسانية يحمل الكثير من الدلالات منها: أنه يوم للدعوة إلى السلم الدولي، والسعي إلى إيقاف وحل الصراعات الدولية والأهلية والعمل والتعاون في مواجهة الأزمات العالمية. ومنها مد يد العون والمساعدة للدول والشعوب المحتاجة، كما أنه يوم للتذكير بأهمية تبني القيم الإنسانية الداعية للتسامح والتعايش والتعاون والتفاهم والحوار والتفاوض فهذه الرؤية العالمية لدولة الإمارات التي تحاول أن تنشرها وتعمل مع شركائها من دول ومنظمات على التأثير والتغيير في باقي دول العالم، لأنه المبدأ الوحيد ليعيش الجميع بأمن وسلام.

ليكن هذا اليوم مناسبة ومبادرة للتخفيف من الصراعات ومن الأفكار العنيفة، وليكن يوماً يضع فيه الجميع برامج وخططاً قابلة للتطبيق ومعززة للقيم الإنسانية مع الاحتفاظ بالخصوصية والهوية.

 

* كاتب ومحلل سياسي