نشر مغرد كويتي، جدولاً مقترحاً لزيارة معالم روما كان قد طلبه من موقع الذكاء الاصطناعي ChatGPT، ويقول عبدالله المشوط إنه فوجئ بأن الموقع بنسخته التجريبية قد قسم له جدول الرحلة بحسب مدة زيارته التي تمتد إلى أربعة أيام، فقال له:
أنصحك أن تزور الكولوسيوم، والمنتدى الروماني، في اليوم الأول ثم متحف الفاتيكان، والقصر الشهير لرؤية لوحة الموناليزا، ثم بدأ يذكر له جدوله اليومي بالتفصيل.
ويبدو أنه كان ذكياً بحق بحيث اختار له في اليوم الأول أهم المواقع حتى لا تفوته ثم بدأ بترتيبها بطريقة أقل أهمية على ما يبدو.منذ صدر هذا الموقع أو التطبيق الأسرع انتشاراً في التاريخ الحديث، ولم تنفك الناس في سرد القصص عن أعاجيبه، فتارة يروي قصة، وتارة يدلي بمعلومات عميقة وصادمة، وتارة يسطر لهم أبيات قصيدة باللغتين الإنجليزية والعربية.
الأمر الذي دفع المغامر وعاشق التحديات الملياردير إيلون ماسك إلى الإعلان عن استقطاب علماء كبار لابتكار موقع منافس. وما أجملها من منافسة، حيث يستفيد البشر منها في تحسين حياتهم. غير أن المنافسة أو التكنولوجيا لا تأتي بصورة وردية، بل تجلب معها تحديات اجتماعية واقتصادية.
حيث أظهر تقرير صدر مؤخراً عن القمة العالمية للحكومات في الإمارات يشير إلى أن تقنية الذكاء الاصطناعي سوف تهدد مليار وظيفة حول العالم. إذ أكد عدد من الخبراء أن الأتمتة سوف تشمل خمسة عشر ميداناً منها المبيعات والمحاسبة وإدارة البيانات، بحسب تقرير صحافي نشرته صحيفة «البيان».
وتشير فيه التوقعات إلى أن «عائدات الذكاء الاصطناعي في دول الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا سوف تصل إلى 320 مليار دولار بحلول عام 2030، وتعزى هذه الإيرادات إلى تحسين سلاسل الإمداد، وتعزيز الثقة بطبيعة البضائع وجودتها وكميتها إذ ستؤدي هذه التحسينات إلى زيادة كفاءة العمليات المساندة مثل الفواتير والتسليم والمرتجعات وخفض رأس المال الاستثماري المطلوب.
ويتوقع أيضاً أن ينمو إسهام الذكاء الاصطناعي في الاقتصاد ليبلغ ما بين 20 % و34 % سنوياً لجميع دول المنطقة، وتحقيق دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية أسرع معدلات في النمو» حسب «البيان».
ولن يتركنا الذكاء الاصطناعي، حيث سيدخل إلى عقر دارنا. إذ يتوقع أن يحدث تحولاً جذرياً في التقنيات المستخدمة في المنازل وفي كل مكان. شخصياً لدي جهار ثرموستات يفهم سلوكياتي، ويرتب على أساسها درجة حرارة المنزل، بناء على قرارات سابقة، ويتعامل بالطريقة نفسها مع سخان الماء.
حيث يضع لك مقترحاً للحرارة بعد حساب درجة الحرارة الخارجية وتوجهاتي السابقة، وما إن يغادر الجميع المكان حتى يخفض درجة الحرارة توفيراً للطاقة.
وسوف يشهد التعليم والترفيه والنقل والتسوق كذلك نقلة نوعية.
وكان خير مثال كرة القدم التي استخدمت في كأس العالم الأخيرة حيث زودت الكرة بقرون استشعار مكنتها من اتخاذ قرارات بشأن ركلات الترجيح، وتسلل اللاعبين، وتجاوزها خط المرمى. وإلى جانب الكرة، كان هناك مجسات في الملعب والأرضيات وأجسام اللاعبين جعلت من تجربة كأس العالم مذاقاً مختلفاً من ناحية التكنولوجيا.
ولك أن تتخيل أن كل هذه الأمور كانت بيد أشخاص يتابعونها وهي في نهاية المطاف وظائف بشرية، غير أنه من المرجح أن تقفز الأتمتة في الوظائف إلى آفاق غير مسبوقة في الخدمات المالية، والمصارف، والطب، والهندسة المعمارية، لترسم لنا مستقبلاً باهراً، يصعب التكهن بتفاصيله.
* كاتب كويتي متخصص في الإدارة