قد يعكس نقاء الماء وهدوؤه صورة مذهلة عن الطبيعة التي تحيط به، صورة لامست تفاصيلها إحساس فنان فأراد أن يعبّر عنها، وكونت سلسلة من الصور الذهنية لديه، فاستطاع أن ينقلها لنا عبر فرشاته وألوانه ومواده التي استخدمها لتجسد ذلك المنظر البديع في عمل فني نقف أمامه نتأمل.
كان التجوال بين لوحات المشاركين في معرض «الابتكار وحي الإمارات» الذي نظمته مكتبة محمد بن راشد يمنح الزوار فرصة التأمل في العمل الفني المبدع، هو في الحقيقة تنقل بين جمال روح أكثر من 30 مشاركاً من مختلف الجنسيات والأعمار، ولكن يشتركون بصفة الإبداع والرقي في الفن التشكيلي، قدموا أعمالاً تحمل في محتواها مواضيع مختلفة انسجمت مع عناصر متنوعة للبيئة الإماراتية التي تحث الفنان دائماً على الابتكار وإنتاج العمل الفني.
«الفن مرآة تعكس الطبيعة»، مقولة رسخ معناها في المعرض عرض تلك اللوحات الفنية لهؤلاء المبدعين والتي عكست جمال إحساسهم وعقولهم، وعرفت عنهم بصوت الإبداع الذي جعل المتلقي ينصت له بتفكر ويتساءل في نفسه عن قدرة الفنان الصانع لهذا الجمال.
ما الذي يجعل الأنظار تتراقص تناغماً مع إبداع اللوحات الفنية؟ متلهفة في تجوالها إلى التعرف على مضمون اللوحة التالية؟
ربما يكون الموضوع المبتكر للوحة هو الذي استطاع أن يشد الانتباه نحوه لتفحص التفاصيل، أو ربما يكون رقي العقول الصانعة لتلك اللوحات هي التي استطاعت أن تبرهن أن الفنان المبدع يساهم في سمو الفن التشكيلي، ذلك الفن المرتبط بالثقافة والمرتبط ببساطة الطبيعة وبالجمال، الفن الذي يساهم صانعوه في رقي مجتمعاتهم وتقدمها، الفن الذي يجذب المشاهد ويثير إحساسه نحو الجمال.
صنع اللوحات الفنية ليس بالعمل الجديد، هو فن راقٍ وجد منذ عصور قديمة، عرفنا عن فنانين تشكيليين مبدعين أمثال ليوناردو دافينشي، والفنان بابلو بيكاسو، وغيرهم من الفنانين الذين ظهروا في أزمنة مختلفة، ولكن ما زالت لوحاتهم القديمة تبهر أجيالاً جديدة وتقيمها بأنها من أثمن وأهم الأعمال التي أنتجت في العالم، وما زال هذا الفن يولد لنا أعمالاً مبدعة تضفي جمالاً ملحوظاً على جدار في المنزل أو حائط في شركة أو ركن في مطعم. مع اختلاف أذواق المتلقين في تفضيل لوحة عن الأخرى لا شك أن الكثير مستمر في اقتنائها، فالصور الذهنية التي يشكلها لنا الفنان المبدع كالماء النقي الهادئ تعكس براعة الفن الذي يغذي نفوسنا جمالاً.