قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء. فبإمكان الرحمة أن تحرك ساكناً وتحدث عملاً يعود بالخير على الجميع. الرحمة صفة إيجابية رائعة تتفرع منها صفات جميلة أخرى كالتعاون والإيثار لتنبت لنا تلك الثمار الأخلاقية المستحب تناولها لدى مختلف أفراد المجتمع كونها تكسبه الصلابة والمتانة. 

الرحمة سمة تدل على أن صاحبها يحمل خيراً لغيره، فإن أمكنته قدرته على ترجمة ذلك الشعور إلى عمل، فإن ذلك السلوك يسهم في تقويم نفسه.

قد تكون قسوة القلب لدى بعض الأشخاص القادرين على الإغاثة حاجزاً يحول بين عمل الخير تجاه حالة ما بحاجة إلى العون وبين فاعل الخير، وقد يسبب التأخر في مد يد عون للمحتاج إلى زيادة المعاناة لديه من ناحية تصاعد المصيبة ومن ناحية شعوره بالعجز في إيقاف ذلك العناء، بعض هؤلاء القادرين على العون قد يشعرون بالندم لامتناعهم عن ذلك بعد إدراكهم لحجم الكارثة التي حلت بالمنكوب سواء أكان في صحته أم ماله أم غيره أياً كان نوع المصيبة لكنها كانت حقيقية وأعقبت مرارة وألماً.

ولعل وجود العقل المدرك للحقائق مهم ليوجه صاحبه إلى تقييم حالة المنكوب، ذلك ما ينقذه كي لا يكون ضحية احتيال من المتخفين بلباس الحاجة سعياً لإثارة العطف نحوهم بهدف خدمة مصالح شخصية أخرى، هذه النماذج من الأشخاص التي شوهت صورة الشخص المحتاج للعون.

رقة القلب المتمثلة في الرحمة ركيزة اجتماعية تساهم في تلاحم أفراد المجتمع وتقويته، هناك نماذج عدة في العلاقات المجتمعية قد تولد آثاراً طيبة لكل الأطراف، فعطف الأب على ابنه قد يمنعه من استخدام العنف معه ويولد لدى الابن احتراماً ووداً تجاه والده. 

وعطف المخدوم على الخادم قد ينمي التواضع لديه، ويمنح العامل دافعاً إيجابياً في تحمل قسوة الظروف، وعطف الإنسان المدرك على حالة إنسانية مثل حاجتها للعلاج يعزز التكافل الاجتماعي الذي يزيد من ترابط بالمجتمع. 

لو استوعب الإنسان أن الرحمة هي عكس القسوة، كما هي الأضداد بين الخير والشر، وبين الجنة والنار لاختار أن يكون تحت مظلة الرحمة.