تهدف الشراكة القائمة على ركيزتين أساسيتين هما القطاع العام والقطاع الخاص إلى تحقيق اقتصاد مستدام يخدم الأجندة الوطنية لدولة الإمارات، من خلال الجمع بين موارد وخبرات القطاعين.
كما يمكن لهذه الشراكات أن تساعد في تمويل وبناء وتشغيل مشاريع الدولة بما فيها مشاريع البنية التحتية المستدامة بأقل تكلفة وأقصر وقت ممكن، وانطلاقاً من الرؤية السديدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بأن «الإمارات قادرة على التعامل مع مختلف الأحداث والتغيرات.
وهذه المرونة والتناغم بين القطاعين العام والخاص أمر ضروري للحفاظ على مكتسباتنا ومضاعفتها»، طورت الهيئة نموذجاً رائداً للشراكة بين القطاعين العام والخاص، والذي يعد من أهم المبادرات الاستراتيجية التي أطلقتها الهيئة، وذلك لتحقيق هدف رئيسي يتمثل بجذب الاستثمارات في مجال الطاقة والمياه في إمارة دبي، بالإضافة إلى نقل المعرفة والتقنيات الحديثة لتنويع مصادر الطاقة حسب أفضل الممارسات العالمية.
وجاءت المبادرة تماشياً مع توجيهات قيادتنا الرشيدة، وتعزيزاً لجهود وريادة الهيئة في المجالات الابتكارية التي تخدم عناصر الاستدامة الرئيسية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
الحياد الكربوني
تدعم المبادرة تحقيق أهداف «استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050»، و«استراتيجية دبي للحياد الكربوني 2050»، التي تهدف إلى توفير 100 % من القدرة الإنتاجية للطاقة في دبي من مصادر طاقة نظيفة بحلول عام 2050.
ومن الأمثلة التي تم من خلالها استخدام الشراكات بين القطاعين العام والخاص لإنجاز عدد من المشاريع المستدامة بنجاح مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، الذي يعد أكبر مشروع للطاقة الشمسية على مستوى العالم في موقع واحد بطاقة تصل إلى 5000 ميجاوات بحلول عام 2030 وباستثمارات تصل إلى 50 مليار درهم.
فعندما بدأت هيئة كهرباء ومياه دبي المرحلة الأولى من المجمع «بقدرة 13 ميجاوات» كان أحد التحديات الرئيسة هو التكلفة المرتفعة، وقد تم وضع خطة متكاملة بهدف تلبية متطلباتنا، حيث قمنا بتطوير نموذج رائد للشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال إنتاج الكهرباء والمياه في إمارة دبي هو نموذج المنتِج المستقل للطاقة والمياه «IPWP».
والذي يتناسب مع متطلبات إمارة دبي وبيئتها التشريعية والفنية للحصول على حلول متكاملة لتقنيات الطاقة والمياه ويهدف إلى تمكين شراكات مربحة للطرفين، وجذب الاستثمارات، وتضمين الاستدامة.
إضافة إلى نقل المعرفة والتقنيات الناشئة الحديثة وفق أفضل الممارسات العالمية، بما يدعم الشراكة الفعالة بين القطاعين العام والخاص بدل التعاقد المباشر مع المقاولين وفق النموذج التقليدي، وقدمت الهيئة لشركائها من القطاع الخاص الدعم اللازم لتسهيل الإجراءات وتسريع وتنفيذ مشاريع الطاقة والمياه بالإمارة بما يتناسب ويتناغم مع استراتيجيات الإمارة.
وبفضل نموذج المنتِج المستقل للطاقة، حصلنا على عدة أرقام قياسية عالمية في خفض أسعار الطاقة الشمسية، حتى باتت دبي معياراً لأسعار الطاقة الشمسية على مستوى العالم.
وبعد النجاح الذي حققته الهيئة في مشروعات المنتج المستقل للطاقة في مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، أطلقنا مشروعاً لتحلية مياه البحر بقدرة إنتاجية تبلغ 120 مليون جالون يومياً، بتقنية التناضح العكسي لتحلية مياه البحر باستخدام الطاقة النظيفة وفق نظام المنتِج المستقل للمياه.
وحققت الهيئة إنجازاً عالمياً بحصولها على أدنى سعر تنافسي عالمي، بعد إعادة طرحها لمناقصة المشروع في عام 2020، حيث يعد أول مشروع من نوعه يعمل وفق نموذج المنتِج المستقل للمياه لهيئة كهرباء ومياه دبي.
حوكمة رشيدة
إن نجاح نموذج المنتِج المستقل للطاقة والمياه الذي تستخدمه الهيئة يعتمد بشكل أساسي على التطبيق الفعال للحوكمة الرشيدة لضمان الشفافية والمساءلة وحكم القانون لتعزيز ثقة المستثمرين، وتطوير بيئة تنظيمية ورقابية وتشريعية جاذبة، وإطلاق المشاريع المشتركة بعد إجراء دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية والمالية وغيرها.
والاستعانة ببيوت الخبرة العالمية المختصة إذا لزم الأمر، واعتماد مبدأ تحقيق مكاسب عادلة لطرفي الشراكة، ودراسة المخاطر والتحديات ووضع المعالجات الكافية مسبقاً، ومشاركة القطاع العام للقطاع الخاص بنسبة مساهمة مناسبة لضمان تحكم الحكومة بالمشاريع وإعطاء الطمأنينة المناسبة للمستثمرين.
ومن الفوائد لاستخدام الشراكات الفعالة بين القطاعين العام والخاص لتقديم مشاريع مستدامة، تحقيق أرقام قياسية عالمية في أدنى الأسعار لمشروعات الطاقة الشمسية لخمس مرات متتالية، بالإضافة إلى جذب استثمارات تقدر بنحو 40 مليار درهم، مما يسهم في نمو المؤشرات الاقتصادية للإمارة مثل مؤشر الاستثمار الأجنبي المباشر.
وعلى المستوى التشغيلي قامت الهيئة بإنشاء إدارة تعنى بالطاقة النظيفة وتطبيق نموذج المنتِج المستقل للطاقة والمياه، كذلك متابعة اللجان والفرق العاملة على تطبيق النظام الجديد من الناحية التعاقدية والمالية والإجرائية الخاصة بتغيير طريقة إدارة المشاريع بالهيئة لتكون متوافقة على مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص بدل التعاقد المباشر مع المقاولين حسب النموذج التقليدي.
لقد بات التعاون والتكامل بين القطاعين الحكومي والخاص ركيزة مهمة لتحقيق طموحات الإمارة وترسيخ مكانتها كنموذج متطور يوفر المناخ الملائم والبيئة الداعمة للاستثمار لتعزيز النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة وتنفيذ المشروعات وفق أعلى معايير الجودة والكفاءة، بما يعود بالنفع على جميع الأطراف، مما يسهم في دفع عجلة النهضة التنموية التي تشهدها دبي في المجالات كافة.
حيث تسير بثبات في طريقها لتكون واحدة من أفضل 3 مدن اقتصادية في العالم، بحسب أجندة دبي الاقتصادية D33، والمساهمة بالوصول بدولة الإمارات لأن تكون أفضل دولة في العالم بحلول مئويتها في العام 2071.
* العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي