خلال مشاركته في اجتماع «أصدقاء بريكس»، الذي عقد في مدينة كيب تاون بجنوب أفريقيا، عبّر سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، بشكل واضح وصريح عن رغبة دولة الإمارات العربية المتحدة في الانضمام لعضوية هذا التكتل العالمي الصاعد، قائلاً: «إننا في دولة الإمارات ندعم توجه مجموعة بريكس لتوسيع قاعدة عضويتها، ونبدي رغبتنا الصريحة في أن نكون جزءاً فاعلاً وبناءً من المجموعة».
سعي دولة الإمارات للانضمام لمجموعة بريكس، التي تضم في عضويتها روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، ينطلق بالأساس من سياستها الخارجية القائمة على تنويع الشركاء وبناء العلاقات المتوازنة مع مختلف القوى الدولية.
وبالطبع تشكل مجموعة بريكس واحدة من أهم القوى الدولية الصاعدة في النظام العالمي الحالي، حيث بلغ إجمالي حجم ناتجها المحلي مجتمعة نحو 24.5 تريليون دولار أمريكي في عام 2021، تشكل ما نسبته 25% من الناتج العالمي، وتهيمن على 16% من حجم التجارة العالمية، فيما تشكل 29.3% من مساحة العالم، وبالتالي فإن انضمام دولة الإمارات لهذا التكتل الصاعد سيتيح العديد من الفرص أمامها لتحقيق طموحاتها التنموية خلال نصف القرن المقبل.
في المقابل، سيوفر انضمام دولة الإمارات للتكتل العديد من عناصر القوة والمزايا الإضافية في ضوء ما تمتلكه من موارد ضخمة، وما تقوم به من أدوار مهمة في منطقتها والعالم، فدولة الإمارات بناتجها المحلي الإجمالي الذي تجاوز 415 مليار دولار في عام 2021، وبدورها الحيوي كمزود موثوق ومسؤول للطاقة في العالم، وباستثماراتها الضخمة المنتشرة في العديد من دول العالم، وشراكاتها الاستراتيجية والاقتصادية مع دول العالم المختلفة، ودعمها الكبير لقضايا التنمية في الدول النامية، إلى جانب جهودها لتحقيق السلام والاستقرار ونشر التسامح في منطقتها والعالم، ودورها البارز في مواجهة التحديات العالمية بما في ذلك قضايا التطرف والإرهاب والتغيرات المناخية، إذ تقود الإمارات هذا العام جهود المجتمع الدولي في مواجهة خطرها خلال استضافتها لمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 28)، مع كل ذلك وغيره ستمثل دولة الإمارات إضافة مهمة لهذا التكتل العالمي الصاعد.
وبطبيعة الحال، فإن هذا الانضمام إذا حدث لن يكون اصطفافاً من جانب دولة الإمارات لمصلحة تكتل دول على حساب الآخر، وبصورة أوضح، لن يكون على حساب علاقاتها مع شركائها الغربيين في الولايات المتحدة وأوروبا، فالإمارات تبني علاقاتها المتوازنة مع كل دول العالم، والهدف هو المصلحة المباشرة للإمارات والعالم ككل.
ولذا كان سمو الشيخ عبدالله بن زايد واضحاً في كلمته أمام الاجتماع الأخير لمجموعة بريكس، حيث أكد أن دعم دولة الإمارات لمجموعة «بريكس»، سيركز على ثلاثة محاور، هي: دعم التنمية المالية والاقتصادية القائمة على أسس التشاركية والانفتاح، والالتزام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى مع السعي دائماً لإيجاد الحلول السلمية للنزاعات والأزمات، والعمل المستمر نحو تعزيز العدالة والتمثيل في منظومة الحوكمة العالمية.
إن توجه دولة الإمارات لتجمع دول بريكس، يرسخ سياستها الخارجية القائمة منذ تأسيسها على بناء العلاقات الجيدة مع الجميع، وليس لمصلحة طرف على حساب الآخر، ويخدم مصالح عالم اليوم الساعي للتعددية، بعيداً عن أحادية النهج والفكر والأيديولوجية، كما ذكر سمو الشيخ عبدالله بن زايد، وسيسهم في تحقيق الأهداف التنموية الطموحة لدولتنا خلال الخمسين عاماً المقبلة.