حين يحرث المزارع الأرض ليزرع البذور فيها فإنه يسعى في ذلك إلى إنتاج ثمار مكتملة النضج، مستخدماً أدواته اللازمة وإمكاناته المتاحة، وقبل أن يبدأ الزراعة يجب أن يكون لديه تخطيط مسبق، يشمل نقاطاً أساسية مثل مكان الأرض والميزانية والاحتياجات والتوقيت والأيدي العاملة.
هكذا هو الإنتاج في أغلب المجالات، التي يستطيع من خلالها الإنسان أن يحصد الثمار، يحتاج إلى تفكير وتخطيط وإمكانات وأدوات وتوقيت حتى يستطيع الإنسان أن ينجز الأعمال بكفاءة، وينال المخرجات المرضية ذات الجودة المطلوبة، التي تؤهل صانع المنتج لأن يحظى بلقب الشخصية المنتجة.
هل يؤثر التفكير الإيجابي في جودة الإنتاج؟
مرت الكاتبة البريطانية جي كي روليغ بأزمات متتالية قبل أن تكمل تأليف قصة هاري بوتر، فقد أثرت وفاة والدتها وطلاقها، وتعطلها عن العمل في تقديرها لمهارتها وموهبتها، حيث اعتبرت نفسها فاشلة، ذلك التفكير السلبي والإحباط، الذي اجتاحها كان سبباً يعيق إنتاجها الفكري، ولكن بمجرد معالجتها لطريقة التفكير، واتجاهها إلى المسار الإيجابي استطاعت أن تغير الأحداث والأوضاع السابقة في حياتها، لتحول نفسها من فاشلة إلى أكثر الكتاب نجاحاً في العالم، حيث تمكنت من إنتاج كتابها الشهير، الذي عبر البلدان، ليحقق ذلك النجاح الهائل.
قد يكون الشخص ذو التفكير السلبي منتجاً أيضاً، ولكن ربما تؤثر تلك السلبية على جودة المنتج، فعلى سبيل المثال إذا افترضنا أن «س» من الناس رسام كاريكاتير يعمل في إحدى المؤسسات، وهو منضبط في الحضور والانصراف، ولا يتغيب عن العمل، ينجز عمله الروتيني، ولكنه يتعامل بسلبية دائماً مع الأمور، حيث يشعر بأنه غير ناجح، ليس لديه ثقة بما ينجزه، محبط ومتشائم ولا يتقبل التغير أو التجديد فما الصورة المعبرة، التي يمكن أن يقدمها لنا هذا الموظف ؟
هناك فرق جوهري بين شخصين متناقضين هما في مجال العمل نفسه، أحدهما يفكر بصورة إيجابية، والآخر بصورة سلبية، فهذا التناقض في التفكير قد يؤثر على جودة المنتج، فتلك الروح السحرية التي تحيط بالإنتاج المصنوع بالفكر الإيجابي تجعل له بريقاً خاصاً يجذب الأشخاص حوله، ويغرس بصمة شديدة الوضوح تميز صاحبها.
الإنتاج عامل محفز للإنسان يحثه على الاستمرارية في الاجتهاد والتفكير السديد، ويمحنه مكانه مهمة في المجال الذي ينتج به، ويعتبر الشخص المنتج فرداً نافعاً، نظيراً لما يقدمه من إسهامات، تخدم المسيرة التنموية لمجتمعه.