يعتبر السرد فناً يعمل على إيصال الممارسات والقصص والوقائع بطريقة فنية ومتقنة، حيث يعبر عن الأحداث والتجارب والأفكار بشكل فعال، منظم ومتسلسل، عبر استخدام الكلمات المكتوبة أو المنطوقة، وذلك بغرض الاعتراف بالإنجاز، وإثارة الانتباه، وإشاعة الإحساس بالواقعية والمتعة، ولما تربط كلمة السرد مع الاستراتيجية لتكون عبارة السرد الاستراتيجي يصبح لدينا أحد أرقى التقنيات، التي تستخدم في مجال التخطيط والإدارة الاستراتيجية، التي تعمل على توجيه الممارسة أو الواقعة أو القصة أو الرواية الاستراتيجية إلى كيان محدد سواء كان دولة، مؤسسة أو منظمة، بهدف إيجاد صورة، يحتذى بها شاملة لهذا الكيان، وتوجيه تحركاته ونمذجة آليات اتخاذ قراراته الاستراتيجية المستقبلية، من خلال تقديم سرد شائق يحتوي على عناصر مثل رؤية المستقبل، وقيم المؤسسة، وميزة تنافسية واستراتيجيات النمو والتطوير وغيره.

ويشكل السرد الاستراتيجي أداة قوية للتفكير الاستراتيجي، واتخاذ القرارات المستنيرة، إذ يسمح للمنظومات والمؤسسات بتحليل الظروف الراهنة والاتجاهات المستقبلية، ومناقشة الاحتمالات المتعددة، ويتم استخدامه لتحديد الخيارات الممكنة وتقييمها بناء على الأثر المتوقع، والمخاطر المحتملة،

وحيث إن السرد الاستراتيجي يسخر ممارسات متميزة مبينة على الواقعية، فهو يعتبر أداة قوية لتوجيه العمل، وتحفيز الفريق لتحقيق الأهداف المشتركة، وبناء تفاعل فعال مع الجمهور المستهدف، بالإضافة إلى تعزيز الشعور بالانتماء والتفاعل داخل المؤسسة، ويسهم في توضيح رؤية ومعنى العمل، الذي يقوم به الفريق، ويمكن أن يكون السرد الاستراتيجي أيضاً أداة فعالة للتواصل الخارجي، حيث يعكس هوية المؤسسة وقيمها وقدراتها التنافسية، وبالتالي يبني علاقات قوية مع العملاء والشركاء والمجتمع المحيط. 

إعداد 

يتطلب إعداد السرد الاستراتيجي القدرة على إنشاء ربط بين الممارسة والعلوم الحديثة، وتكون واقعية ومقنعة تحكي عن الماضي والحاضر والمستقبل المرجو، ويجب أن يتضمن السرد الاستراتيجي تفاصيل واضحة حول الرؤية المستقبلية، والأهداف الاستراتيجية والخطط الفعلية لتحقيقها، ويتعين أيضاً أن يشمل السرد عوامل التغيير المحتملة، وتحليل المخاطر المتعلقة بها.

وعندما نربط كلمتي السرد والاستراتيجية باسم الشيخ زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، الزعيم ورمز وحدة وتقدم الإمارات العربية المتحدة، الأب القائد المحبوب والمحترم، فإننا نزيد أداة السرد الاستراتيجي شأناً وفعالية، لأننا نعمل على تخليد كنز من الممارسات الاستراتيجية القابلة للتطبيق والتنفيذ إذا ما تم مراعاة تبنيها وتوازنها مع الواقعية والموارد المتاحة، وقدرات المنظومة أو المؤسسة أو الدولة، فالسرد الاستراتيجي للمؤسس أداة توجيهية، تعزز الانسجام والتعاون داخل الفريق، وتشجع على التحسين المستمر والابتكار، لتحقيق النجاح المستدام، لأنه يرتبط مع شخص، أقل ما يقال عنه أنه عرف بترسيخ قيم المساواة والتسامح والعدالة الاجتماعية في الإمارات، كما كانت له رؤية استباقية وطموحة لتوجيه الإمارات نحو مستقبل مزدهر، حيث على مدى حكمه الطويل قاد الإمارات نحو التحول والتطور الاقتصادي والاجتماعي، وشهدت حكومته تحقيق تقدم هائل في البنية التحتية، وتوفير الخدمات العامة، وتنمية جميع القطاعات المختلفة، وتحقيق التنمية الشاملة، ورفاهية شعب الإمارات.

إرث مهم هو السرد الاستراتيجي للمؤسس، ممارسات مستوحاة من رحلة تطويرية وتحولاتها وتطلعاتها المستقبلية لرؤية الوطن بإنجازاته المستقبلية، التي نعيشها وسيعيشها أولادنا وأحفادنا. إرث مُتميز يجب تضمينه في وثائق استراتيجية، وتفعيله في خطط العمل، وأساليب وتقنيات المعاملات الإدارية والاستراتيجية بشتى أنواعها. 

بشكل عام السرد الاستراتيجي للمؤسس يسهم في إشعال الشغف، والالتزام نحو الرؤية المؤسسية، وتحقيقها بطريقة متكاملة، ومُوجِهة نحو النجاح، يجب توثيقه بشكل منهجي وعلمي، وجعله عنواناً لبحوث المناهج الأكاديمية المتخصصة في العلوم الاستراتيجية، ومنهاجاً علمياً، وإفادة الإنسانية جمعاء به، فلم يكن الشيخ زايد، طيب الله ثراه، قط يبخل في تقديم العون والمساعدة في حياته، فليكن «السرد الاستراتيجي للمؤسس» علماً ينتفع به محلياً وعالمياً.