في الستينيات بدأت في مصر ظاهرة الاستعانة بنجوم الرياضة في السينما، حيث راح منتجو ومخرجو الأفلام المصرية يبحثون عن نجوم الرياضة المحبوبين جماهيرياً لترغيبهم في الظهور في أفلامهم من أجل تعزيز مداخيل أعمالهم. ولأن كرة القدم هي اللعبة الأكثر شعبية في مصر والعالم العربي، فإن بوصلتهم اتجهت تحديداً إلى لاعبي نادي الزمالك والنادي الأهلي اللذين يتسيدان البطولات المحلية دون منازع.
ومن هناك بدأت حكاية أسطورة النادي الأهلي اللاعب صالح سليم مع السينما. فهو لم يكن فقط لاعباً موهوباً وصاحب قدم ذهبية تعشقه الجماهير، وإنما كان فوق ذلك وسيماً تطارده الفتيات، ناهيك عن كونه أحد العاشقين للتمثيل منذ الصغر. لذا قيل لو أن صالح سليم استمر في السينما ولم يهجرها في أعقاب مشاركته في ثلاثة أعمال فقط لكان واحداً من أبرز نجومها الخالدين. لكن سليم خلد بالفعل اسمه من خلال أفلامه الثلاثة التي بدأت بفيلم «السبع بنات» في سنة 1961، من إنتاج حلمي رفلة وإخراج عاطف سالم وتمثيل حسين رياض ونادية لطفي وزيزي البدراوي وسعاد حسني وعمر الحريري وأحمد رمزي. ويقال إنه مثّل هذا الفيلم لقاء أجر مقداره 150 جنيهاً.
وفي العام التالي (1962) اختاره المخرج عزالدين ذوالفقار ليؤدي دول البطولة المطلقة أمام نجاة الصغيرة وأمينة رزق وفؤاد المهندس في فيلم «الشموع السوداء» الذي حقق نجاحاً كبيراً وأظهر فيه سليم قدرات تمثيلية بارعة لجهة تقمصه شخصية الشاب الكفيف الذي يعاني من عقدة نفسية تجاه النساء بسبب قصة حب فاشلة إلى أن تنجح ممرضته الخاصة في إخراجه من تلك الحالة فيقع في حبها. وفي هذا الفيلم ارتفع أجره إلى 300 جنيه.
وبسبب نجاح «الشموع السوداء»، أقدم سليم على تجربته السينمائية الثالثة والأخيرة في عام 1963 حينما قدم فيلم «الباب المفتوح» من إخراج هنري بركات وبطولة صالح سليم وفاتن حمامة ومحمود مرسي وشويكار، ودارت قصته حول «ليلى» التي تعيش في أسرة مصرية متوسطة الحال وتحاول أن تثور وتشارك في المظاهرات ولكن والدها يمنعها ويعنفها بشدة. وحينما تقع في حب ابن خالها كمنقذ من قيودها الأسرية سرعان ما تكتشف أنه لا يختلف عن أبيها كثيراً فتفقد ثقتها في المجتمع.
بعد ذلك، عرض على سليم، الذي يعد أيضاً أحد أبرز رؤساء النادي الأهلي المصري وأكثرهم قدرة في الإدارة، المشاركة في أفلام كثيرة لكنه رفض إكمال مشواره السينمائي القصير الناجح بسبب تعرضه لانتقادات شديدة من النقاد لفيلميه الأول والثاني، بل قيل أن سليم كان قد قرر الانسحاب بعد هذين الفيلمين، لكنه تراجع وقدم فيلمه الثالث من أجل سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة. ومن أكثر النقاد الذين وجهوا سهامهم ضده الكاتب الصحافي لويس جريس الذي وصفه بالممثل الفاشل ودعاه إلى ترك السينما لأهلها. كما تعرض لانتقادات من زملائه اللاعبين الذين خافوا أن تنسيه أضواء السينما مهنته الأصلية.
عدا صالح سليم، الذي رحل مأسوفاً عليه في 6 مايو 2002 جراء إصابته بسرطان الكبد، دخل أيضاً عالم السينما قادماً من ملاعب الرياضة حارس مرمى النادي الأهلي عادل هيكل، وكان ذلك في عام 1960 حينما شارك في فيلم «إشاعة حب» للمخرج فطين عبد الوهاب وبطولة عمر الشريف وسعاد حسني ويوسف وهبي وعبد المنعم إبراهيم وهند رستم. ورغم أن هيكل لم يمتلك وسامة وقدرات صالح سليم، فقد شارك في فيلمين آخرين هما «مذكرات تلميذة» (1962) للمخرج أحمد ضياء الدين من تمثيل نادية لطفي وأحمد رمزي وحسن يوسف، ثم فيلم «حديث المدينة» في عام 1964 للمخرج إبراهيم عمارة من تمثيل شويكار وعصام بهيج وسميرة أحمد واسكندر منسي. وفي كل أفلامه الثلاثة لم يستطع هيكل إقناع الجمهور، فلم تسند إليه سوى أدوار هامشية. وفي النهاية انسحب من الساحة عائداً إلى الملاعب، وقد توفي في سبتمبر 2018.