ليس الطقس وحده بل العالم كله يغلي، حرب أوكرانيا تتواصل بلا هوادة ولا نهاية، السودان أيضاً يقتل بعضه بعضاً، ولا غالب ولا مغلوب، بل السودان هو المغلوب على أمره، اقتتال وقتل وجوع. دم ينزف في كل مكان.

أفريقيا تسير على حقل ألغام الانقلابات، النيجر ليس الأول ولن يكون الأخير، فقد عاد لعاب القوى الكبرى يسيل على ثروات القارة السمراء، ومعه يسيل الرصاص على أجساد الشعوب التي ما فتئت تشكل كنزاً لتلك القوى.

تعددت الدراسات حول ارتفاع درجة الحرارة لهذا العام، والتي لم يشهدها العالم منذ 1500 عام، حسب أحد المحللين يميل معظمها إلى تحميل البشر المسؤولية بسبب عبثهم بالطبيعة، مما أغضب الأرض والبحار والسماء.

أمريكا العظمى تحدث فيها أمور تقول الأخبار إنها تحدث لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة، من محاكمات الرئيس السابق دونالد ترامب، إلى اتهامات ابن الرئيس الامريكي هانتر بايدن بحيازة سلاح بشكل غير قانوني وتهرب من الضرائب.

أمريكا الآن الحرب حولها مع روسيا في أوكرانيا، وتجر معها دول حلف «الناتو»، حلفاء ينفضون من حولها، وشركاء يشكون في سياساتها ويتململون، انتخابات رئاسية على الأبواب وحروب تدق الأبواب.

العالم كله يقف هذا الصيف على صفيح ساخن سياسياً، وعلى صفائح أرض لا نعرف متى وأين تهتز وتحت سماء غاضبة لما فعله البشر بها، فوفقاً لتحليلات مجموعة «بيركلي إيرث» الأمريكية لمراقبة درجات الحرارة، فإن من أسباب ارتفاع درجات الحرارة العالمية، صيف العام الحالي، هو عودة ظاهرة ارتفاع درجة حرارة المحيط الهادي المعروفة باسم النينو والتي شهدها العالم سنة 2022 أيضاً. وحذرت المنظمة من أن ظاهرة النينو الحالية تجعل الأرض أكثر سخونة العام المقبل 2024.

وقالت الهيئة الحكومية الدولية، المعنية بتغير المناخ أيضاً، إن موجات الحر قد تزداد تواتراً وشدة، رغم أن الحكومات يمكن أن تحد من تغير المناخ عن طريق الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في بلدان العالم.

دراسة أخرى نشرتها مجلة «Nature Sustainability» تحذر من أنه إذا استمرت الوتيرة الحالية للاحتباس الحراري العالمي دون رادع، فسوف تدفع مليارات الأشخاص خارج «نطاق المناخ»، وهي درجات الحرارة التي يمكن للبشر أن يزدهروا فيها، ويعرضهم لظروف حارة بشكل خطير مما أسمته بالخطر الوجودي، وذلك بارتفاع الدفء 2.7 درجة مئوية بحلول نهاية القرن، مقارنة بدرجات حرارة ما قبل العصر الصناعي.

ولطالما حذر العلماء من أن ارتفاع درجة الحرارة فوق 1.5 درجة مئوية سيؤدي إلى تغييرات كارثية وربما لا رجعة فيها. ونظراً لانكماش المناطق الواقعة داخل نطاق المناخ مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية، ستتعرض شريحة أكبر من السكان بشكل متكرر أكثر لظواهر الطقس المتطرفة، بما في ذلك الجفاف والعواصف وحرائق الغابات وموجات الحر.

إلى أين يتجه العالم؟ الجواب إنه يتخبط في فوضى عارمة غير خلاقة بل مدمرة، يفكر تحت قدميه وينسى أن ينظر فوقه. يخطط للسكن في السماء ويقتتل على قطعة أرض، حيث يستبدل مصادر الطاقة الضارة بالمناخ بمصادر أخرى أقل ضرراً لكنها تظل ضارة.

ولا شك أن الأمام غامض، والخلف شاحب، والحاضر قائض. والسؤال الصعب: إلى أين تسير أيها العالم. أو أصح: إلى أين يسيرونك بنا؟!