يعد الحديث عن المهارات الحياتية من المسائل المهمة التي يتم التركيز عليها من قبل الطامحين لتحقيق التميز الشخصي، على اعتبار أن هناك حاجة دائمة لأدوات يمكن الاستعانة بها في مسيرة الحياة؛ لتحسين الواقع من جهة، ولجعل المستقبل أفضل. 

المهارات الحياتية في جوهرها عبارة عن قدرات شخصية، يظهر أثرها الإيجابي في التعاملات اليومية للإنسان، وذلك على هيئة سلوكيات عملية، ونشاطات تفاعلية. من هذا المنطلق، تعبر هذه المهارات عن مفاتيح يمكن توظيفها في مسيرة الحياة، والتدريب عليها، وممارستها بشكل تطبيقي، وذلك على المستويين الحياتي العام، والمهني الخاص. 

من خلال مقال اليوم، سوف نعمد إلى توضيح أبرز المهارات الحياتية ذات العلاقة بشخصية الفرد، وأكثرها أهمية في الممارسات اليومية، والتي ينبغي إتقانها من قبل عموم الناس، وذلك من خلال مجموعة من النقاط السريعة والمختصرة. 

-    مهارة فهم الذات، والتمكن من تحديد ملامحها العامة، وصولاً إلى اكتشاف مواطن قوة الشخصية والعمل على تعزيزها، ومواطن الضعف الموجودة فيها والعمل على معالجتها. 

-    مهارة التحديد الدقيق لمنظومة الميول والاتجاهات، إلى جانب الاهتمامات والتفضيلات، مع أهمية التحسين المستمر لمضامين هذه المنظومة. 

-    مهارة صياغة أهداف شخصية، تجعل للحياة قيمة ومعنى، بشرط أن تكون أهدافاً ذكية؛ أي محددة بدقة، وقابلة للقياس، وقابلة للإنجاز، وواقعية، ومؤطرة زمنياً.

-    مهارة إدارة المشاعر، والتكيف البناء مع الظروف المحيطة، والتفاعل الإيجابي مع ضغوط الحياة بأصنافها المختلفة، علماً بأن وجود التحديات أمر حتمي في حياة أي إنسان. 

-    مهارة استثمار الوقت، وترتيب الأولويات، وضبط العلاقة بين النشاطات المستعجلة والنشاطات المهمة، مع أهمية تعلم طرق وآليات السيطرة على مضيعات الوقت. 

-    مهارة تطبيق المراحل المتعلقة بصنع واتخاذ القرارات، وحل المشكلات، والمتمثلة في تحديد موضوع القرار، والهدف منه، وجمع البيانات والمعلومات، وصياغة بدائل مناسبة، وانتقاء البديل الأنسب، والتنفيذ الفعلي للبديل، وأخيراً قياس وتقييم عمليات التنفيذ. 

-    مهارة الاتصال والتواصل مع الآخرين بأسلوب يسمح بإقامة جسور تفاعل إيجابية مع المحيطين، وفي الوقت نفسه السيطرة على الأفعال وردود الأفعال في هذا الشأن. 

-    مهارة التفاوض، مع القدرة على الإقناع والاقتناع، وذلك حسب ما يقتضيه الموقف؛ أي إقناع المقابل بالحجة والمنطق، وفي الوقت ذاته الإصغاء إلى طروحات الآخرين، والاقتناع بها عندما تكون صائبة. 

-    مهارة تقبل الاختلاف في الشخصيات، وفي الآراء والاتجاهات، والتعامل مع الآخرين من منطلق إنساني. بهذا الشأن، ينبغي أن يؤمن الإنسان بأن البشر مختلفون، مع أهمية التعامل مع هذا الاختلاف بوصفه أمراً طبيعياً، وفي بعض الأحيان يكون إيجابياً. 

-    مهارة التمييز بين نقد الأشخاص، ونقد الأفكار، والابتعاد عن شخصنة النقاشات. بشأن هذه المسألة، ينبغي التمييز بين الحقائق العلمية، والآراء الشخصية. 

ختاماً نقول: النقاط السابقة تعبر عن وصفات سريعة لمهارات حياتية أساسية، تتضمن بطبيعة الحال كثيراً من الأبعاد والمضامين التي لا يتسع المقام لتفصيلها. المهارات الحياتية عموماً قابلة للتعلم، وبالإمكان تطويرها بالممارسة العملية. من هذا المنطلق، نقترح تضمينها في المناهج العلمية الخاصة بالمؤسسات الأكاديمية بمراحلها المتعددة، والتركيز عليها في البرامج التدريبية الموجهة للمديرين والموظفين في المؤسسات، وأيضاً للباحثين عن عمل، بمستوياتهم العلمية المختلفة، مع أهمية قيام وسائل الإعلام بالترويج لهذه المهارات، ونشرها بين الناس بأساليب واضحة ومبسطة.