تتجلى في التخطيط الاستراتيجي الحكمة، التي أبداها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي شكّلت أساساً راسخاً لتطوير وبناء الدولة على مدار عقود.
في سرده الحكيم، يُشدد القائد المؤسس، رحمه الله، على أن الدولة تشبه الإنسان الذي يعمل على تحقيق أهدافه والصعود إلى القمة، ويقول: «إن الإنسان وهو يعمل تظهر له أشياء لم تكن موجودة وقت التخطيط، وإن الخطط توضع حسب ما يراه من أجل مصلحة الوطن». وتبرز هذه العبارة الإقدام للقائد المؤسس الشيخ زايد في تحديد مسار العمل وتوجيه الجهود نحو تحقيق رؤية طموحة لبناء وتطوير الدولة وتحقيق رفاهية شعبها.
توجيهات الوالد المؤسس، ورؤيته الواضحة في بناء الدولة بحكمة وتصميم نجدها بارزة في قوله: «دولة الإمارات مثل الإنسان الذي يقف تحت سفح جبل ويريد أن يصل إلى القمة، وقطع ثلث الجبل؛ لأنه في الصعود إلى القمة يقابل بوديان ومساحات من الأراضي عليه أن يجتازها بعد تعميرها، ثم يواصل الصعود بعد ذلك». يبرز هنا النظرة الثاقبة للشيخ زايد نحو المستقبل والقدرة على رؤية العقبات والتحديات المحتملة، ومن ثم الإقدام في اتخاذ القرارات الحكيمة لمواجهتها بفاعلية وتحقيق التنمية المستدامة.
وقد اهتم الشيخ زايد بأهمية العمل بالهدوء والتروي في التخطيط الاستراتيجي، مع التأكيد على ضرورة الالتزام بالقيم الأخلاقية والتواضع في التنفيذ. كما يُعبّر عن ذلك: «الله وحده يعلم ماذا قدمنا لهذا الوطن والمواطن، فلو أننا عملنا بما لا يرضي الله لما أعطانا هذه النعمة وهذا الخير». وتبرز هذه العبارة إيمان الشيخ زايد بأن الشجاعة ليست بالتعدي على القيم والمبادئ الأخلاقية، بل تتمحور حول القدرة على التحلي بالحكمة والصدق في التخطيط والتنفيذ، والتواضع في النجاحات.
كل ممارسات الشيخ زايد تؤكد أنه يمكن تلاقي وتكامل الإقدام والجرأة والحكمة في عملية التخطيط الاستراتيجي.
وعلينا أن نستفيد من هذا النهج الفذ الذي أسس عليه المؤسس الشيخ زايد لبناء وتطوير دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تعتبر الجرأة والحكمة والإقدام مفتاح النجاح والتقدم المستمر.
وعلينا أن نستفيد من أسلوبه في تحديد الأهداف واتخاذ القرارات، حيث آمن بأن عملية الإقدام تكمن في رؤية الهدف البعيد وتحديد الخطوات الضرورية لتحقيقه، مع الحكمة في اختيار الوسائل والزمن المناسب لتحقيق هذه الأهداف بأقل تكلفة وأكثر فاعلية.
وفي مجال الاقتصاد والتنمية، اتسمت رؤية الشيخ زايد بالجرأة في استثمار ثروات الدولة بطريقة استباقية وتوجيهها نحو التنمية المستدامة وتحقيق تحوُّل اقتصادي شامل.
وفي هذا السياق، يعلق الشيخ زايد: «فلو أننا عملنا بما لا يرضي الله لما أعطانا هذه النعمة وهذا الخير». وهنا يتجلى التزامه بالقيم الدينية والأخلاقية في توجيه الجهود نحو الخير والرخاء للمواطنين والمجتمع.
من جهة أخرى، يعتبر الشيخ زايد أن الحكمة تتجلى في اتخاذ القرارات الحاسمة بناءً على دراية شاملة بالظروف والمتغيرات، وفهم دقيق للأثر الاجتماعي والاقتصادي لتلك القرارات. وسعى دائماً إلى تحقيق الأهداف بشكل متوازن ودون التفريط في المصلحة العليا للدولة وشعبها.
باختصار، فإن التوازن بين الجرأة والحكمة في تخطيط واتخاذ القرارات يعد عنصراً أساسياً في النهج الاستراتيجي الذي اتبعه الشيخ زايد، ويعكس هذا التوازن الحكمة في تحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي بأقصى إمكانات الدولة، مع الحفاظ على القيم والأخلاق ورعاية مصلحة الشعب والمجتمع.