تعودنا في حياتنا السير على قواعد معينة نعتقد أنها تحكم علاقاتنا وتجعلنا متشابهين، ولكن عند التدقيق في تفاصيل هذه القواعد ومبادئها، نكتشف أننا مختلفون عن بعضنا البعض تماماً، وأن لكل واحد منا وجهة نظره الخاصة وشخصيته المتفردة، التي تحكم تعاملاته مع الآخرين، وتحدد منحنى أو طريقة نموه.

ولفهم ذلك، يكفينا التدقيق في تفاصيل قاعدة «عامل الآخرين كما تحب أن يعاملوك»، التي كبرنا عليها وسعينا إلى تطبيقها في حياتنا، وهي تصنف «قاعدة ذهبية»، ويقابلها القاعدة البلاتينية «عامل الآخرين كما يحبون أن يعاملوا».

تبدو القاعدتان متشابهتين من حيث الشكل العام واستخدام المفردات، ولكنهما في الواقع مختلفتان تماماً، فالأولى تهتم بالوعي الذاتي، ولكنها لا تهتم بشأن احتياجات الآخرين، بينما تساعدنا الثانية على تغيير شخصياتنا من خلال معرفة أنفسنا والآخرين، عبر معرفة وفهم الطريقة التي تجعلنا سعداء وتجعلهم سعداء أيضاً، وهو ما يكسبنا الشعور الأعمق بالوعي الذاتي والفضول، وتمكين أنفسنا من ممارسة التعاطف بشكل أكثر فعالية مع الآخرين بناء على احتياجهم الحقيقي.

يمكن تفسير القاعدة الأولى بأنها محاولة تركز على ذاتنا في ظل تجاهلنا لاحتياجات الآخرين لصالح فرض تفضيلاتنا الخاصة، بينما تبدو القاعدة الثانية أشبه بمبدأ توجيهي أخلاقي أكثر تعاطفاً ورأفة، كونها تركز على ما يحتاجه الآخرون منا، وهي قد تساعد في التشجيع على الخروج من «منطقة الراحة» الخاصة بنا، وتحقيق النمو الطبيعي بالطريقة التي يرونها مناسبة، وهنا لا بد لنا من فهم طبيعة «مناطق الراحة» للآخرين، أو على الأقل ما يحتاجون إليه لضمان تمكننا من مساعدتهم بطرق متنوعة تتيح لهم تحقيق النمو الإيجابي، وهو ما ينعكس إيجاباً على شخصياتنا نحن، ويزيد من فعاليتنا في تغيير أنفسنا نحو الأفضل، وتعزيز وعينا الذاتي عبر الإيمان بما نريده، ما يمكننا من التواصل بسهولة مع الآخرين، والتعبير عن رغباتنا الداخلية بصدق، وفي الوقت نفسه احترام الآخرين ورغباتهم أيضاً.

مسار:

الوعي الذاتي والوعي بالآخرين جزء من نمونا الشخصي، يمكننا من فهم أفكارنا ومشاعرنا وتحديد سلوكياتنا الخاصة تجاه الآخرين.