عاش العالم في القرن الواحد والعشرين تحولات هائلة، في ما يتعلق بوسائل التواصل وتبادل المعلومات. فبدلاً من الاعتماد على وسائل التواصل التقليدية، مثل الجرائد والتلفزيون والراديو، أصبحت المنصات الإلكترونية تلعب دوراً محورياً في حياتنا اليومية. وقد أحدث هذا التغيير تأثيرات كبيرة على النسق المجتمعي بشكل عام.
حيث المنصات الإلكترونية من وسائل الإعلام الأكثر تأثيراً في العالم اليوم، حيث توفر منصات البث عبر الإنترنت، مثل Netflix وAmazon Prime وYouTube، ومنصات أخرى، مكاناً لعرض مسلسلات وأفلام من مختلف الأنواع والأنماط. وبالتالي، يمكن للمنصات الإلكترونية أن تلعب دوراً كبيراً في نشر محتوى مختلف، بما في ذلك محتوى يحتوي على عناصر من العنف والجريمة.
حيث تعرض المنصات الإلكترونية محتوى يمكن أن يتضمن مشاهد عنيفة، مثل مسلسلات الجريمة والأفلام الغامضة، والتي تجذب جمهوراً واسعاً من المشاهدين.
كما يمكن أن تستخدم المنصات الإلكترونية الإعلانات والتسويق للترويج للمحتوى الإجرامي والعنيف، وهذا يزيد من انتشار هذا النوع من المحتوى بين المشاهدين.
كما يُظهر البعض القلق من أن مشاهدة المحتوى المحرض على العنف والجريمة، حيث يمكن أن تؤثر في سلوك المشاهدين، وتشجعهم على تجربة سلوكيات إجرامية أو عنيفة.
ومن ناحية أخرى، قد يلعب بعض المحتوى المحرض على العنف والجريمة دوراً في التوعية والتعليم حول الجريمة وعواقبها، ما يشجع على التفكير والنقاش حول هذه القضايا. وهكذا نجد أن المنصات الإلكترونية تسهم في تشكيل السلوك والقيم الاجتماعية. ويمكن للمحتوى الذي يتم تداوله عبر هذه المنصات، أن يؤثر في معتقدات وسلوكيات الأفراد. وهذا يمكن أن يكون إيجابياً من جهة، حيث يمكن للمنصات تعزيز الوعي والتعليم، ولكنه يمكن أيضاً أن يكون سلبياً، عندما يتعلق الأمر بانتشار المعلومات الزائفة أو المحتوى الضار.
ومنصة Netflix تواجه انتقادات حادة في الدول العربية، بسبب محتواها الذي يتعارض مع القيم المحلية، ويثير مخاوف من تأثيره السلبي في الوعي والقيم. هذه المخاوف تعتبر مبررة، نظراً لعدم خضوع المنصة للرقابة التقليدية، وانتشارها الواسع في المنطقة، بالإضافة إلى زيادة إنتاجها المحلي. وهذا الجدل يتعلق بشكل خاص، بتأثيرها في الأطفال والمراهقين.
وهنا تثار المسؤولية القانونية للمنصات الإلكترونية، حيث إن العديد من القوانين الدولية تحمي حق حرية التعبير على الإنترنت. ومع ذلك، يجب أن يكون هذا الحق متوازناً مع الحاجة إلى منع المحتوى الضار أو غير القانوني. بالإضافة إلى ذلك، تعتمد المنصات على تصنيفات عمرية للمحتوى، وتفرض قيوداً عمرية على المستخدمين. يجب عليها تنفيذ هذه القوانين، ومنع وصول المحتوى غير المناسب للأعمار الصغيرة.
ونظراً لاختلاف القوانين المحلية من دولة إلى أخرى، يجب على المنصات أيضاً أن تتوافق مع القوانين المحلية للمناطق التي تقدم فيها خدماتها. ولا يمكن تجاهل حقوق الملكية الفكرية، حيث يجب على المنصات احترام هذه الحقوق، والعمل على منع نشر المحتوى الذي ينتهك تلك الحقوق.
في الختام، تتطلب المسؤولية القانونية للمنصات الإلكترونية، تحقيق توازن دقيق بين حرية التعبير والالتزام بالقوانين وحماية الأفراد والمجتمعات من المحتوى الضار. يجب أن تلتزم المنصات بالقوانين واللوائح المحلية، وتعمل على تطوير آليات فعالة، لضمان تحقيق هذا التوازن، وحماية حقوق الجميع.