تحتفل دولة الإمارات في الأيام القادمة بعدة مناسبات وطنية خالدة وأحداث عالمية كبرى مؤثرة تستحق كل مناسبة منها وقفة تأمل وتفكير وتحليل.
فهي على موعد مع ذكرى يوم الشهيد، والذي يصادف الثلاثين من نوفمبر، وهو اليوم الذي اختارته دولة الإمارات لتخليد ذكرى شهداء الحق والواجب الذين ضحوا بحياتهم فداء للوطن. ولم تكن صدفة أن يقع يوم الشهيد قبيل اليوم الوطني لتعرف الأجيال الجديدة بأن استقلال الدولة لم يأت من دون تضحية وفداء.
وأن أبناء الإمارات دافعوا عن شرف وطنهم بكل همة وإباء، وأنهم سطروا بدمائهم الذكية مرحلة مهمة من تاريخ دولة الإمارات، وعبروا عن حبهم للوطن ببذل الغالي والنفيس للذود عن حياضه.
ورفع راية الإمارات عالية خفاقة. ويعد «يوم الشهيد» ذكرى غالية على كل أبناء الوطن، فهي مناسبة تذكر الجميع بأنه لا مكان في العالم يعادل حجم الوطن، وأن الوطن الذي منحنا الأمن والأمان والاستقرار، يستحق منا كل حب وتضحية.
مناسبة أخرى سوف تلي يوم الشهيد هي ذكرى الثاني من ديسمبر، ذكرى إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحددة. فهذا العام يصادف الذكرى الثانية والخمسين لقيام الاتحاد، والذي كان مجرد حلم في أذهان الآباء المؤسسين، وبفضل العزيمة والإصرار تحول هذا الحلم إلى واقع معيش نراه اليوم وقد نضج وأثمر سعادة وخيراً.
وفي خضم هذه المناسبات الوطنية الغالية تحتفي دولة الإمارات أيضاً مع العالم أجمع بمؤتمر المناخ «كوب 28» -والذي سوف ينعقد في أواخر نوفمبر-، هذا المؤتمر الذي يجمع العالم على طاولة واحدة لمناقشة قضايا التغير المناخي وجهود العالم من أجل إيجاد عالم أفضل خالٍ من الانبعاثات الكربونية الضارة وصالح للعيش لنا ولأجيال المستقبل.
وعلى الرغم مما يشهده العالم الآن من أزمات إنسانية ومتغيرات وتطورات، إلا أن الإمارات ساحة دولية للحوار الهادف.
كما تظل دائماً الشريك والحليف لدول العالم والشقيق الوفي للدول العربية في أزماتها واحتياجاتها. فمواقف دولة الإمارات واضحة وصريحة، فهي تقف مع الحق وترفض العنف وتحاول دوماً إيجاد الحلول الدبلوماسية المناسبة خارج إطار الحروب ومن أجل تلافي الصراعات المسلحة.
ثلاث مناسبات وطنية وأحداث عالمية كبرى تثبت بأن دولة الإمارات قد استطاعت خلال نصف قرن من إنشائها من أن تصبح ليس فقط أنموذجاً تنموياً مميزاً، ولكن لاعباً رئيسياً على المسرح العالمي، وأنها الشريك الذي يمكن الوثوق به، والحليف الصدوق للدول المحبة للسلام، فلا غرو أن تشهد أرضها، منذ قيامها وحتى اليوم، على الدوام حراكاً عربياً ودولياً من أجل تحقيق السلم والأمن الدوليين.
فمنذ تأسيسها على يد الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان وحتى اليوم، وهي تسعى بشكل كبير من أجل إقرار السلم ورد الحقوق إلى أصحابها الشرعيين.
وفي ظل الحراك الدبلوماسي الذي شهدته الإمارات استطاعت من خلال جهود قادتها أن تصبح اليوم لاعباً مؤثراً على الساحة الدولية، وشريكاً يمكن الوثوق به والاعتداد به. وتشهد أروقة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية على جهود الإمارات، سواء الإغاثية والإنسانية أو الدبلوماسية من أجل السلم والأمن الدوليين.
فلم تتأخر الإمارات يوماً عن مد يد المساعدة الإنسانية لمن يحتاجها بغض النظر عن لونه أو جنسه أو عقيدته. فالعطاء الإماراتي غير مرتبط بمصلحة مادية أو سياسية، وإنما لمصلحة الإنسانية بشكل قاطع. ويوماً بعد يوم تثبت الإمارات للعالم بأنها الأنموذج الفذ للتعاون والوحدة.
كما هي الأنموذج للتكافل والتراحم بين بني البشر، وأنها تعبر عن روح الإنسانية وقيمها النبيلة، وأنه لا مكان في ثقافتها للتمييز والعنصرية أو التردد والتراخي. إن دولة الإمارات سوف تظل ذلك الأنموذج المميز الذي نجح بامتياز، ليس فقط في تخطي كل عقبات التأسيس والبناء، بل وفي مواصلة مسيرته بنجاح رغم كل العواصف الإقليمية والعالمية، ورحلته من المحلية إلى العالمية.