يعتبر الأمن الركيزة الأساسية للمجتمع، إذ لا يتصور نمو أي نشاط بعيداً عن تحققه، سواء على المستوى التقني أو القانوني، ومع ظهور مجتمع المعلومات والفضاء السيبراني، تحول الأمن إلى واحد من قطاع الخدمات التي تشكل دعامة أساسية لأنشطة الحكومات والأفراد، كالتطبيقات الخاصة بالحكومة الإلكترونية، والتعليم عن بُعد، والتجارة الإلكترونية، كما أصبحت تكنولوجيا المعلومات أكثر تعقيداً من ذي قبل، وارتبط ذلك باحتمالات تعرض تلك التكنولوجيا لمخاطر من شأنها أن تؤثر في كفاءة وفعالية نظم المعلومات، وبصفة خاصة نظام المعلومات المحاسبي، ومن ثم على جودة المعلومات المحاسبية، حيث يؤدي تعرض النظم للمخاطر، إلى التأثير في سرية ونزاهة وتوافر المعلومات، وفي مجال المال والأعمال، لا يمكن الاستغناء عن تلك التكنولوجيا، بل يزداد اهتمام المسؤولين بالمنظمات المختلفة بتطوير تكنولوجيا المعلومات، وتحقيق أقصى استفادة ممكنة من الإمكانات المتاح استخدامها.

وبات من الضروري على المؤسسات والشركات أن تهتم بوضع نظم وإجراءات تعمل على الحد من تلك المخاطر، ووضع نظام جديد لإدارتها، ووجد أن الحلول التكنولوجية ضرورية، ولكنها غير كافية في مواجهة تحديات ومخاطر أمن المعلومات، ومن ثم زاد الاهتمام بأمن المعلومات، باعتباره من المسؤوليات التنفيذية المهتمة بالبنية التحتية التكنولوجية على مستوى المؤسسة، وزيادة التركيز على استراتيجيات متطلبات العمل وحماية أصول المعلومات.

تقنيات 

الأمن السيبراني، أو أمن المعلومات، عبارة عن مجموعة من الوسائل التقنية والإدارية والتكنولوجية، والعمليات والممارسات المصممة التي يتم استخدامها في حماية الموارد البشرية والمالية المرتبطة بتقنيات الاتصالات والمعلومات، ويضمن إمكانية الحد من الخسائر والأضرار التي تترتب في حال تحقق المخاطر والتهديدات.

ويرتبط الأمن السيبراني بمجالات مختلفة، سواء قانونية أو اقتصادية أو اجتماعية، ففي المجال القانوني، تُعد العلاقة بين القانون والتكنولوجيا علاقة تبادلية، فالتطورات التكنولوجية المختلفة تفترض مواكبة التشريعات القانونية لها، من خلال وضع أطر وتشريعات للأعمال القانونية وغير القانونية، وفي المجال الاقتصادي، أصبح الفضاء الإلكتروني جاذباً لقطاعات المجتمع كافة، وزاد الاعتماد بصورة أساسية على التكنولوجيا الرقمية في تخزين المعلومات والبيانات، وأصبحت المعاملات المالية والاقتصادية محوسبة، وباتت شبكات البنوك والبورصات وشركات الأسواق المالية مرتبطة ببعضها البعض، بنظم وشبكات إلكترونية، وفي المجال الاجتماعي، يؤدي الأمن السيبراني دوراً كبيراً في حماية تعبير الأفراد عن تطلعاتهم في المجالات المختلفة، سواء علمية أو ثقافية أو اقتصادية.

الذكاء الاصطناعي

إن المستقبل القائم على نُظم الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والسيارات الذكية والمنازل الذكية، قادر على التنبؤ بالكوارث الطبيعية والأوبئة، وتقديم حلول عملية لمشكلات التغير المُناخي، وقد يكون كابوساً إذا لم يكن هناك حل عملي لمشكلة التهديدات السيبرانية.

وتعد دولة الإمارات من أوائل الدولة التي تصدت تشريعياً للجريمة الإلكترونية، من خلال إصدار القوانين المختلفة التي تعاقب مرتكبيها، وكان آخرها المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021، بشأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، فنصت المادة «5» منه على أنه يعاقب بالسجن المؤقت والغرامة التي لا تقل عن 500,000 ألف درهم، ولا تزيد على 3 ملايين درهم، كل من تسبب عمداً في الإضرار أو تدمير أو إيقاف أو تعطيل موقع إلكتروني، أو نظام معلومات إلكتروني، أو شبكة معلومات أو وسيلة تقنية المعلومات عائدة لمؤسسات الدولة، أو أحد المرافق الحيوية، فإذا وقعت الجريمة نتيجة لهجمة إلكترونية، اعتبر ذلك ظرفاً مشدداً.

تدابير

كما اتخذت الدولة العديد من الإجراءات والتدابير والمبادرات لتعزيز أمنها السيبراني، منها تنفيذ شبكة إلكترونية اتحادية «FEDNET»، ممثلة بهيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية، تسمح بتبادل البيانات بين جميع الجهات المحلية والاتحادية في الدولة، وتوفر الشبكة بيئة آمنة، وتتيح ربطاً آمناً بالإنترنت لكافة الجهات الحكومية الاتحادية، ما يقلل إمكانية التعرض لأعمال القرصنة الإلكترونية، وكذلك أطلقت الجهات الشرطية داخل الدولة بعض التطبيقات لمواجهة الجريمة الإلكترونية، كخدمة «الأمين»، التي أطلقتها شرطة دبي، وخدمة «نجيد»، التي أطلقتها شرطة الشارقة، وخدمة «أمان الإلكترونية»، التي أطلقتها شرطة أبوظبي، وتم إنشاء لجنة مكافحة التهديدات السيبرانية والبرمجيات الخبيثة، بموجب قرار مجلس الوزراء رقم «13» لسنة 2023، وكذلك إطلاق مبادرة «النبض السيبراني»، التي تهدف إلى نشر ثقافة الأمن السيبراني، وتعزيز مشاركة جميع أفراد المجتمع، ورفع وعيهم لأي نشاطات إلكترونية مشبوهة قد تضر بهم، وتمكينهم من استخدام منجزات التكنولوجيا الرقمية في بيئة أقل تهديداً.