عندما يكون لدينا مقاصد متعددة في الحياة نسعى إلى بلوغها، من المنطقي أن تكون هناك درجات أهمية لها، قد يكون من الصعب إنجازها في نفس الوقت، لذلك من الضروري ترتيبها حسب الأولوية وجدولتها، حسب إطار زمني محدد.

لكل هذه المقاصد نقطة بداية ونهاية، والسير في اتجاه كل مقصد قد يلزمنا عبور محطات مختلفة، والالتقاء بأشخاص مختلفين، ذلك ما يحتم علينا إعداداً مسبقاً للرحلة، بالأخص إذا كانت طويلة، ولكن إذا كانت الرحلة بدون تحديد اتجاه ووقت زمني، فهل سوف نصل إلى مكان معين؟. 

أحياناً قد يجهد شخص نفسه في أعمال تجعله يسير في نفس المكان، دون التقدم خطوة إلى الأمام، هي أعمال قد يراها ذات فائدة، وقادر على إنجازها في وقت محدد، ولكن ليس لها اتجاه معين، قد تكون مطلوبة منه أو عاجلة، لكنها غير مهمة، فمثلاً: عندما تصل رسالة إلى هاتف شخص من أحد الأصدقاء، يطلب منه التواصل معه لمناقشة أمر يتعلق برحلة سياحية، سيقومان بها بعد شهور، فيستجيب له، ويقوم بإجراء مكالمة استغرقت حوالي ساعة، متجاهلاً موعد اجتماع محدد مع فريق عمله في المؤسسة، لمناقشة احتياجات مشروع خطط له مسبقاً، أي من المشروعين يجب أن تمنح له الأولوية؟.

قد تختلف وجهات نظر كثير من الناس في تحديد أولويات حياتهم، سواء على المستوى الشخصي أو المهني، فالبعض يقدم الأولية في قضاء الوقت مع الزوجة أو الوالدين أو الأبناء عن باقي مشاغل حياته، بحيث يقضي وقتاً طويلاً متجاهلاً باقي الأعمال التي حددها،

ويجب عليه القيام بها، وهناك من يضع في مقدم أولوياته العمل وقضاء وقت طويل في إنجاز مهام وظيفية تأخذ منه معظم ساعات اليوم، متجاهلاً أسرته. 

وهناك من يرى أن التوازن يجعل الحياة أفضل، بحيث يحدد المهم لديه، والمرتبط بمحيط حياته، سواء الشخصية أو المهنية أو غيرها، وينظم أولوياتها، فالعمل مهم، والأهل مهمون، والتعلم مهم، كثير من المواضيع مهمة، ولكن القدرة على ترتيبها من الأهم ثم المهم، هي البراعة في التعامل مع الأولويات حسب أهميتها.

لكل غاية من غايات الناس توقيت، سواء قصير أم طويل، تنتج عنه إنجازات، فالجلوس مع الأبناء والزوجة لمتابعة أحوالهم ضروري، ربما يكون عملاً بسيطاً، ولكن غاياته طويلة الأمد، بعض نتاجه الاهتمام والتربية الحسنة، التي تجنب مخاطر المشكلات الأسرية الناجمة

عن غياب الوالدين، وتعلم مهارة جديدة تطور من الأداء في الوظيفة، قد يزيد من إنتاجية العمل، ويحسن من جودته، وكذلك هي النتائج في باقي الأولويات حسب أهميتها للشخص. 

يجب أن تكون لكل إنسان بوصلة غايات، يحدد من خلالها اتجاهاته المرتبطة بتوقيت زمني محدد، يمكّنه من قياس أدائه وإنجازاته.