شخصية الإنسان مركبة ومعقدة، ولها أجزاء متعددة أو كما توصف في العلم النفسي بـ«شخصيات فرعية»، حيث تتبدل توجهاتها واهتماماتها بناءً على اختلاف مراحل النمو من الطفولة وحتى البلوغ، وخلالها يكتسب الفرد عادات كثيرة بعضها إيجابية وأخرى سلبية، ويعيش تفاعلات متنوعة ويمر بمواقف عديدة قد تأخذه في مسارات متنوعة تبعده عن أهدافه الحقيقية، وتجبره على تجاهل أولوياته في الحياة، وهو ما يشير إلى فقدان الفرد «قوة الانضباط» التي تتيح له إمكانية التحكم الذاتي واستخدام العقل بصورة صحيحة لتحقيق الأهداف.

ندرك جميعاً أن عدم الاهتمام بضبط الأولويات والمهام اليومية، يتيح مجالاً للعادات أو الصفات السلبية لأن تسيطر على النفس، وهذه تتميز بسرعة نموها وتطورها، وفقاً لما يذكره الكاتب الأمريكي بريان تريسي في كتابه «لا أعذار.. قوة الانضباط الذاتي»، حيث يشير إلى أن الفرد يصعب عليه التعايش مع الصفات السلبية كونها ستشكل له مع مرور الوقت معاناة نفسية حقيقية، وتمنعه من اكتساب صفات جيدة، بسبب عدم وجود محفزات، ولذلك فإن افتقار البعض لقوة الانضباط يمثل سبباً رئيساً لعدم قدرته على تحقيق أهدافه بالصورة التي يطمح إليها، كما يمنعه من اكتشاف قوة العقل وتأثيره على تطوير إمكانياته وبالتالي الانطلاق في حياة مهنية وشخصية ناجحة بامتياز.

الانضباط الذاتي ليس مجرد مصطلح عابر أو ممارسة آنية، وإنما هو ضرورة مهمة في حياتنا، فمن خلاله يمكننا تحقيق متطلبات الحياة الناجحة، وإنجاز المهام الموكلة إلينا، ويجنبنا الانشغال بعادات هامشية، والأهم من ذلك يبعدنا عن الشعور بتأنيب الضمير تجاه ما نخسره من وقت يمكن استثماره في تطوير الذات وامتلاك عادات جديدة وجيدة يمكنها أن تسهم في تنمية قدراتنا.

مسار:

تنمية القدرات وتحمّل المسؤولية يلعبان دوراً مهماً في تحقيق الانضباط الذاتي.