أطلقت مصر قبل مدة مشروعاً حضارياً لتركيب نحو ألف لوحة نحاسية تحمل عبارة «عاش هنا» على واجهة مساكن أقام بها رواد مصريون في مجالات الفن والفكر والثقافة والموسيقى والأدب والفنون التشكيلية في مختلف مناطق القاهرة والجيزة والإسكندرية وبورسعيد و12 محافظة من محافظات القطر المصري.
ولكن بعض هذه اللافتات سرقت من أجل بيع مادتها النحاسية طمعاً في المال، الأمر الذي اضطرت معه الجهات المختصة إلى استبدال خام آخر بالنحاس. إحدى اللوحات التي تمت سرقتها كانت تلك الخاصة بالفيلا التي عاشت فيها الفنانة نجلاء فتحي في حي مصر الجديدة مع آخر أزواجها وهو الإعلامي والكاتب الراحل حمدي قنديل الذي تزوجها في سنة 1995 .
وعاشت معه حتى وفاته في 31 أكتوبر من سنة 2018. ونظراً لقصة الحب التي جمعت الزوجين وذكرياتهما في تلك الفيلا، استاءت نجلاء فتحي من سرقة لوحة فيلتها، وقامت بتحرير محضر لدى الشرطة بالواقعة، وهو ما لم يقم به أصحاب الفلل الأخرى التي سرقت لافتاتها. وفي الوقت نفسه قامت بمناشدة وزارة الثقافة المصرية سرعة إعادة تركيب لوحة جديدة على فيلتها باسم حمدي قنديل.
فاستجابت الوزارة لطلبها وشكرتها على مبادرتها بالإبلاغ عن السرقة، ولعل من حسنات هذه الحادثة أن نجلاء فتحي عادت إلى الظهور بإطلالة جديدة، من بعد غياب طويل عن عالم الصحافة والأضواء والشهرة بسبب إصابتها بمرض الصدفية النادر، ليصبح ظهورها وتصريحاتها «ترند» في منصات سوشيال ميديا مع تعليقات إيجابية أبرزت استمرار تعلق جمهور السينما بها وبما قدمته على الشاشة الذهبية من أفلام خالدة في الذاكرة. والمعروف أن نجلاء، وهي من مواليد الفيوم في 21 ديسمبر من سنة 1951 لأبوين مصريين.
واسمها الحقيقي فاطمة الزهراء، دخلت مجال الفن بعدما اكتشفها المنتج والكاتب عدلي المولد في الإسكندرية بالمصادفة البحتة وهي في سن الخامسة عشرة وقدمها بدور صغير في أول أفلامها وهو فيلم «الأصدقاء الثلاثة» للمخرج أحمد ضياء الدين في سنة 1966، قبل أن يجازف المنتج رمسيس نجيب ويسند إليها دور البطولة أمام حسن يوسف في فيلم «أفراح» للمخرج أحمد بدرخان في سنة 1968.
وقدمت نجلاء في مسيرتها الفنية، التي توقفت في سنة 2000 بظهورها بطلة لفيلم «بطل من الجنوب» (عزيز عيني) للمخرج محمد صلاح أبو سيف، نحو 90 فيلماً ومسلسلاً درامياً ورومانسياً وبعض الأعمال الخفيفة المرحة التي ناسبت شكلها الطفولي وقسماتها الملائكية، وأغلبها كان في عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين.
ومنها أفلام لن تنسى مثل «أذكريني» و«دمي ودموعي وابتسامتي» و«رحلة النسيان» و«الرداء الأبيض» و«لا يا من كنت حبيبي» و«لا وقت للدموع» و«سنة أولى حب» و«سونيا والمجنون» و«حب فوق البركان» و«القاضي والجلاد» و«حب لا يرى الشمس» و«الشريدة» و«لعدم كفاية الأدلة» و«المرأة الحديدية» و«عفواً أيها القانون» و«حب وكبرياء» وغيرها.
والجدير بالذكر أن نجلاء، التي انفصل والدها عن أمها وهي في سن الحادية عشرة، تزوجت ثلاث مرات: الأولى المهندس أحمد عبدالقدوس نجل الأديب إحسان عبدالقدوس فانجبت منه ابنتها الوحيدة ياسمين، ثم تزوجت سيف أبو النجا الذي ظهر في فيلم «إمبراطورية ميم» ابناً أكبر لبطلة الفيلم فاتن حمامة.
وكان آخر زيجاتها من الإعلامي الراحل حمدي قنديل الذي كتب في مذكراته أنها هي التي طلبته للزواج بخلاف العادات المتبعة، بعدما أجرى معها حواراً صحفياُ، وأنه وافق بدوره لأنه أعجب بحبها للسفر وإجادتها لعب الطاولة ونفورها من الحفلات والسهرات الصاخبة، ناهيك عن ميولها اليسارية المتفقة مع ميوله على الرغم من تأميم الرئيس عبدالناصر أراضي ومزارع والدها حسين بك فهمي في الفيوم.