قبل أيام قلائل أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تمديد مبادرة «عام الاستدامة» لتشمل العام 2024، فماذا يعني ذلك وما دلالته؟
ببساطة هذه رسالة تؤكد القيادة من خلالها المضي قدماً في مشروعها الكبير فيما يتعلّق بقضية التغيرات المناخية وظاهرة الاحتباس الحراري، مما يعكس حرصها على ترسيخ الممارسات المستدامة في جميع قطاعات الدولة، وغرس تلك الممارسات في سلوكيات المجتمع.
قد يرى البعض أننا لم نكن بحاجة لمثل هذا القرار في ضوء ما اتخذته الإمارات بالفعل من خطوات جادة وغير مسبوقة في هذا الملف، فيتساءل ما الذي يمكن أن تقوم به الدولة بعد أن أطلقت سياسات للحد من استخدام الأكياس البلاستيكية نظراً لأخطارها الصحية والبيئية، فضلاً عن عدة مبادرات اعتمدتها حكومة الإمارات برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في شأن الاهتمام بالبيئة في قطاعات مختلفة، وأخيراً القرار التاريخي باستثمار 600 مليار دولار في مجال الطاقة النظيفة المتجددة صديقة البيئة؟
هذا التساؤل صحيح من الناحية النظرية، لكنه يغفل عاملاً أساسياً وجوهرياً، بأن هذه القضية مستمرة ولا تتوقف ما دامت الحياة على سطح الكوكب.
ومن منطلق الإيمان بأن هذه القضية هي قضية حياة في المقام الأول، فإن استمرارية الجهود فيها أمر بالغ الأهمية لتحقيق جملة الأهداف المطلوبة والبناء عليها، وإلا حدثت انتكاسة لا يحمد عقباها لا قدر الله.
وفي تقديري أن مغزى ما أقدمت عليه القيادة بقرارها يرسّخ ويجدد الالتزام وينبّه كافة الهيئات والمؤسسات بل والأفراد إلى ضرورة مواصلة العمل في هذا الملف بذات العزيمة والإصرار.
ولنستمع لما قاله صاحب السمو رئيس الدولة وهو يزفّ لنا نبأ استمرارية عام الاستدامة نصّاً عبر حسابه في منصة «إكس»: «أن حماية البيئة وصيانة الموارد أولوية أساسية ضمن نهج الاستدامة الراسخ في الإمارات، ومسؤولية جماعية لكل أفراد المجتمع».
لا شك في أن الإمارات باتت نموذجاً ملهماً في العمل البيئي، وجهودها الرائدة في هذا المجال تلقي بصداها في كل مكان، خاصة في ضوء نجاحها الكبير في توقيع اتفاق تاريخي خلال قمة «كوب 28» بعد أن عبرت العديد من المطبات الصعبة، ونجحت بمهارة فريقها الدبلوماسي في تحقيق انفراجة بتوافق الفرقاء وتجاوز الخلافات البينية بين الدول الصناعية الكبرى.
تمنيت لو انتبهت المؤسسات الدولية واتخذت التدابير اللازمة نحو تعميم قرار قيادة الإمارات التي تجلّت حكمتها في التعاطي بكل قوة مع ملف لا يخصها وحدها، ونحن بحاجة ضرورية للعمل الجماعي من أجل تعزيز الوعي بقيم الاستدامة، وتشجيع المجتمعات الإنسانية على تغيير سلوكياتها نحو مبادئ حماية البيئة ومواردها.
كل الشكر والتقدير للقيادة التي تلهمنا المعاني السامية ذات التوجه الإنساني النبيل، تواكب بها أهداف تتخطى الحاضر من أجل المستقبل.