منذ فجر الحضارة البشرية تبوأ الكساء مكانه كإحدى أهم ضرورات الحياة (الغذاء – الكساء – المسكن – الدواء) وقد اعتاض به الإنسان عن الشعر والفرو والريش الذي يغطي أجساد بقية الكائنات الحية، بل انتزع تلك المكونات منها بعد صيدها ليستخدمها كملابس، وإذا كان البشر في فجر الحضارة قد اهتموا بالناحية العملية من الكساء، وهي الحماية من البرد وستر العورة فحسب، فإن الكساء ما لبث أن تطور مع ازدياد درجة التمدن وأصبح لكل بيئة زيها المميز بحسب درجة تمدنها وبحسب الطبقات الاجتماعية المتمايزة ومدى علاقاتها بالشعوب الأخرى، حيث أصبح من السهل تحديد جنسيات الأفراد من خلال رؤية ملابسهم الوطنية.

وقد كان لأبناء الإمارات منذ القدم زيهم المميز، والذي تطور عبر السنين من البساطة إلى التعقيد، جرياً على سنة التطور الكونية، ويمكن للباحث استخدام مئات الصور الفوتوغرافية التي التقطتها عدسات الرحالة الأجانب والصحفيين الذين زاروا الإمارات سابقاً ليرى معالم الزي الإماراتي العريق لفئات المجتمع المختلفة، والذي يمكن أن نستخلص أبرز مميزاته فيما يلي:

أولاً، ملاءمته للمناخ: حيث إن بلدان حوض الخليج العربي يغلب عليها المناخ الصحراوي الحار غالب فصول العام، مع فصل شتاء قصير نسبياً، مما انعكس على مختلف شؤون الحياة ومنها الملبس، إذ كانت الملابس القطنية الخفيفة هي السائدة، وفي الشتاء يلبس الناس الملابس الصوفية الغليظة.

ثانياً، تقيده بتعاليم الإسلام: حيث كانت غالبية العادات والتقاليد المتعلقة بالزي مستقاة من تعاليم الدين الإسلامي، فكان الرجال قديماً يلبسون «الكنادير» القصيرة إلى ما فوق الكعبين، ويتركون الجباه مكشوفة لتمكين الجبهة من السجود دون حائل، وأما النساء فيغطين أجسادهن بالملابس السابغة الساترة ويلبسن البراقع منذ سن الرابعة عشرة.

ثالثاً، تنـوُّعــه: تنوعت الملابس تبعاً للعديد من الاعتبارات وأهمها: البيئة (المدن – البادية – القرى الزراعية الجبلية) الطبقة الاجتماعية (شيوخ – تجار – عامة الناس)، القدرة المالية (الثراء الفاحش – متوسطو الحال – الفقراء)، طبيعة المهن التي كانوا يمتهنونها وتخصصاتهم في الحياة: (علماء دين – طواويش – غواصون – صيادو أسماك – جلاليف – بناؤون - جمّالون – مُزارعون..). وقد ظهر الكثير من الدراسات المفصلة حول الزي الإماراتي وأنواعه ومسمياته.