محبو العطاء "الساكنة الإنسانية بقلوبهم" يتسابقون لتقديم أعمال الخير والتبرعات خاصة في شهر رمضان، ما يجعلهم في بعض الأحيان فريسة للمتسولين عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي عن طريق حسابات وهمية وبأسماء مستعارة تتسول باستخدام كلمات مؤثرة وآيات قرآنية بهدف النصب والاحتيال.
ولا تختلف ظاهرة التسول الإلكتروني كثيراً عن التسول التقليدي فهي قائمة بالأساس على الخداع والتحايل والاستغلال للحصول على المنافع المالية والعينية، لكن يتميز التسول الإلكتروني بأنه وسيلة آمنة للمتسول مجهول الهوية فلا يمكن معرفة معلومات عنه، ويُسّهِل ذلك استخدام الأسماء المستعارة والصور المزيفة، كما أن المتسولين الإلكترونيين عادة ما يتمتعون بذكاء اجتماعي عال جداً في انتقاء الكلمات المؤثرة التي تستعطف الأفراد للحصول على المال باستخدام تقنيات حديثة مثل تركيب فيديوهات أو صور مزيفة، ويعمل عدد كبير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي على ترويج تلك الفيديوهات والقصص الإلكترونية التي ينشرها المتسولون، فضلاً عن الأساليب الأخرى كإظهار بعض التقارير الطبية المزيفة وفواتير الماء والكهرباء وطلب المساعدة لاستكمال الدراسة وإجراء العمليات الجراحية.
ويعود انتشار هذه الظاهرة إلى عدة عوامل منها سهولة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وإنشاء الحسابات الوهمية وعوامل اجتماعية كالتفكك الأسري والانفتاح غير المنضبط واقعياً وافتراضياً، وعوامل اقتصادية كالفقر وتطور التجارة الإلكترونية في جني الأرباح، وعوامل أخلاقية كضعف الوازع الديني والانحلال السلوكي وفقدان الرقابة الذاتية من الأهل.
وتحظر دولة الإمارات العربية المتحدة التسول واستجداء الآخرين وجرًّمته بموجب المرسوم بقانون رقم 34 لسنة 2021 بشأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية فنصت المادة ( 51) منه على أن ( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وبالغرامة التي لا تقل عن 10,000 درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب جريمة التسول باستخدام وسائل تقنية المعلومات من خلال الاستجداء أو بأية صورة أو وسيلة، ويعاقب بذات العقوبة كل من استخدم وسائل تقنية المعلومات في طلب المساعدة من الجهات الحكومية الإتحادية أو المحلية أو أحد مسؤوليها بطريقة مسيئة أو خلاف الحقيقة).
ونصت المادة رقم (475 ) من المرسوم بقانون اتحادي رقم 36 لسنة 2022 بشأن الجرائم والعقوبات على أن (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وبالغرامة التي لا تقل عن ( 5000 ) درهم كل من ارتكب جريمة التسول، ويعد ظرفاً مشدداً إذا اُرتُكِبَت جريمة التسول في الأحوال الآتية ( إذا كان المتسول صحيح البنية له مورد ظاهر للعيش، إذا كان المتسول قد اصطنع الإصابة بجروح أو عاهات مستديمة أو تظاهر بأداء خدمة للغير أو استعمل أية وسيلة أخرى من وسائل الخداع والتغرير بقصد التأثير على الآخرين لاستدرار عطفهم).
كما نصت المادة رقم (476) من القانون سالف الإشارة إليه على أن (يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر والغرامة التي لا تقل عن 10,000 درهم كل من أدار جريمة التسول المنظم، ويعاقب بذات العقوبة كل من يستقدم أشخاصاً وفقاً لقانون دخول وإقامة الأجانب ليستخدمهم في جريمة التسول المنظم).
ومؤخراً أطلقت القيادة العامة لشرطة دبي حملة (كافح التسول) بالتعاون مع الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب وبلدية دبي ودائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بهدف رفع الوعي بأهمية الحفاظ على الصورة الحضارية للدولة من خلال مكافحة جريمة التسول والوقاية منها سواء التقليدية في أماكن تجمعات المصلين والمجالس والأسواق، أو غير التقليدية مثل التسول الإلكتروني، وينبغي دائماً تحري الدقة عند تقديم المساعدات ويجب أن تكون من خلال قنواتها الرسمية داخل الدولة والجهات المعتمدة لضمان وصولها إلى مستحقيها.