يدور مقال اليوم في فلك التميز، وبداية رحلتنا جولة في بستان اللغة العربية. لغوياً، يقال: «تميز الرجل: امتاز، وانفرد»، وكذلك: «يتميز الولد بصفات النبل والشهامة: يتصف، ويشتهر بها»، وقولهم أيضاً: «تميز القوم: ساروا في ناحية أو انفردوا». كما يستخدم مصطلح التميز لوصف الأعمال الاستثنائية، في ذلك يقال: «عمل مميز: ذو امتياز، فهو مفضل»، وفي السياق ذاته: «تمايز في عمله على الآخرين: أي اختلف، وتفرد، وتميز عنهم، ونافسهم». وفي وصف الملامح، يقال: «له ملامح مميزة: أي له ملامح ذات خصائص معينة، فهي فارقة، وذات علامة مميزة».

من خلال المبحث اللغوي، نستنتج أن مصطلح التميز يحمل معاني التفرد، والرفعة، والتفوق على الآخرين. والسؤال المهم في هذا الشأن، وفي ما يتعلق بالعمل المؤسسي، وأداء الأعمال الوظيفية، هل يعتمد مفهوم التميز على بداية معينة يتم الانطلاق منها، وصولاً إلى محطة محددة في نهاية الطريق، وتنتهي القصة بهذا الوصول. أم أن التميز يعبّر عن رحلة مستمرة ولا نهائية من العمل والاجتهاد، والتحسين المستمر للأداء «Infinite process»؟. 

بشأن السؤال السابق، يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله: «التميز رحلة، وليست وجهة، وتوقعات الناس ترتفع مع تحسن الخدمات، رضا الناس غاية تتحرك باستمرار للأمام، ونحن في سباق للاقتراب منها». 

وقال سموه: «أسسنا نهج التميز وتكريم أصحابه قبل قرابة ثلاثة عقود، واليوم نجني ثماره محلياً وعالمياً». وأضاف: «نجحنا في جعل التميز مرادفاً لاسم دبي». جاء ذلك خلال حفل تكريم الفائزين، والمؤسسات المتميزة، بجوائز برنامج دبي للتميز الحكومي 2024.

عندما يكون رضا الناس غاية تتحرك باستمرار للأمام، هذا يعني أن أداء المؤسسات الحكومية وموظفيها، ينبغي أن يكون متحركاً بشكل مستمر للإمام، كي يتحقق عنصر المواكبة أولاً، مع الاجتهاد في تجاوز توقعات الناس ثانياً، من خلال إبهارهم بمستوى عالٍ من الخدمات تفوق توقعاتهم، وتسمو على تصوراتهم. في هذا السياق، أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، على أن قصة نجاح دبي استندت في جوهرها إلى نهج واضح من التطوير والتحسين المستمر للإمكانات البشرية والتجهيزات التقنية، لرفع مستويات الكفاءة في كافة التخصصات، وفق أرقى المعايير وأفضل الممارسات العالمية، وأن العمل الحكومي فيها أصبح نموذجاً عالمياً، بسعيه الدائم نحو تحقيق مراكز الصدارة والريادة والفوز بها، فيما يبقى الهدف الأسمى هو خدمة الناس. 

جدير بالذكر أن حفل جوائز برنامج دبي للتميز الحكومي 2024، شهد إعلان جوائز البرنامج، بناءً على تقييم أداء 30 جهة حكومية بدبي، ضمن 12 فئة مؤسسية، و8 فئات لأوسمة دبي للتميز. وتضمّنت جوائز البرنامج لهذا العام 3 فئات مؤسسية جديدة، هي الجهة الأكثر جاهزية للمستقبل، وأفضل جهة في التمكين الرقمي، وأفضل مبادرة مشتركة.

ختاماً نقول: مسيرة التميز الحكومي، وكل ما يرتبط بها من مبادرات ومشاريع، ينبغي جعلها منهجية ثابتة، وقيمة راسخة في العمل المؤسسي. في هذا الشأن يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، في الفصل الثاني عشر من كتاب «رؤيتي: التحديات في سباق التميز»، والذي يحمل عنوان: «مأسسة الامتياز»: «عندما نتحدث عن برامج تطوير الأداء الحكومي في دبي، فنحن لا نتحدث عن مجرد تجربة ناجحة على أي مستوى يريد المرء أن يفكر به، بل عن مؤسسة تطويرية، أصبح نظامها جزءاً أساسياً من منهج عمل الدوائر الحكومية».