الدعم الذي قدمته دولة الإمارات العربية المتحدة ومعها المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية للقيادة السياسية في المملكة الأردنية الهاشمية في مواجهتها الأحداث التي تتم فيها تجاوزات يأتي من إدراك هذه الدول أن تلك الأحداث تحمل نوايا خبيثة ولديها أهداف غير حسنة يراد لها أن تحدث في المنطقة التي بدأت تتعافى من تداعيات ما كان يسمى يوماً ما «الربيع العربي».
وربط ما يحدث في قطاع غزة من العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني بأحداث الفوضى والتطاول على الأمن الوطني والأجهزة الأمنية في الأردن ما هو إلا مدخل عاطفي تستغله الجماعات ذات النوايا الخبيثة في تحريك الشارع العربي بشكل عام وليس الشارع الأردني فقط.
ومثلما نقول دائماً إن القضية الفلسطينية قضية عادلة، ولكنها في المقابل مدعاة للاستغلال والمتاجرة السياسية لجميع المتسلقين عليها، لتحقيق أهداف بعيدة لا تمت بصلة للقضية الفلسطينية العادلة، وهذا فعلاً ما نراه يحدث في المملكة الأردنية الهاشمية.
«معظم النار من مستصغر الشرر» هذه المقولة التاريخية تنطبق على ممارسات وأفعال وتصرفات تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي فهو فعلها في سنة 2011 في قضية صفع «البوعزيزي» في تونس والتي أدت إلى انتشار العديد من الكوارث والمصائب والدمار في عدد من الدول العربية، وما زال عالمنا يعاني تبعاتها وأضرارها حتى اليوم.
ومع أن البدايات الأولى بدأت تظهر فيها عدالة في الموقف ولكن في نهاياتها بانت الحقائق والنوايا الخبيثة، ويومها تأكد المواطن العربي من أنه كان أمام كذبة وخدعة «إخوانية» كبيرة هدفها أن تؤدي خلالها خدمات دولية وإقليمية لا ناقة ولا جمل فيها لمواطني تلك الدول.
المشهد يحاول إعادة المحاولة اليوم مرة ثانية والدليل أنه بدأت احتجاجات وتظاهرات أخرى تتحرك على النهج نفسه، وأطلق زعماء التنظيمات المارقة شعاراتهم ودعواتهم للشعوب العربية للخروج في تظاهرات بل دعوتهم لتجاوز الحدود وتحدي الأنظمة والقيود.
كما قالوا، بل منهم من أصدر الفتوى لتحريض الشعوب والخروج على حكامهم ودولهم، وكل ذلك يعد دعوات صريحة لإثارة الفوضى وتهديد الأمن الوطني للدول العربية، ولكن اليوم هناك فرق في الوعي الوطني والجماهيري، ولذا نجد التحرك العربي واضحاً وعلنياً ضد كل من يحاول المساس بالأمن والاستقرار.
الدولة الأردنية واحدة من أكثر الدول العربية التي وقفت وساندت القضية الفلسطينية بشكل عام وأهل غزة في هذه الحرب بشكل خاص، وقد تحركت دبلوماسياً ضد السياسة الإسرائيلية وما زالت تساند أهل غزة، ولهذه الوقفة طبعاً أسباب تاريخية وأخرى استراتيجية.
الأسباب التاريخية نابعة من مسؤولية الدولة الهاشمية في فلسطين منذ أيام عبدالله الأول، أما الأسباب الاستراتيجية فلأن الحرب الحالية ضد غزة مفتعلة لحسابات ومصالح قوى إقليمية، ويمكن إدراك ما يحدث عبر الحرب بالوكالة بين تلك القوى سواء على الأرض السورية أو في منطقة البحر الأحمر.
وبذلك فما يحدث في الأردن ليس مصادفة ولا هو لدعم أهل غزة كما تقول شعارات مثيري الفوضى في الأردن، والقيادة الأردنية ومعها الدول العربية التي سارعت وأعلنت صراحة دعمها للمملكة الهاشمية وعلى رأسها دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية يعلمون يقيناً بالمخطط المراد تنفيذه عبر هذه الأحداث والنتائج المراد تحقيقها.
محاولة التظاهر لبعض حاملي الأيديولوجيا التي تتبنى أفكاراً ضد مفهوم الدولة الوطنية بأنهم يسعون لدعم الشعب الفلسطيني ما هي إلا محاولة مفضوحة وليست مكشوفة فقط، فهي في الحقيقة محاولة للحفاظ على «البقاء والاستمرار» لأن الدائرة على تنظيم الإخوان المسلمين وعلى رأسهم جماعة «حماس» إذ إنها (أي الدائرة) تضيق أكثر فأكثر وربما في الأيام المقبلة ستكون «خانقة» لهم، لأن أهدافهم ونواياهم الخبيثة مكشوفة للرأي العام الواعي وفشلهم في تحقيق أقوالهم وشعاراتهم أصبح واضحاً لكل صاحب عقل ووعي وفهم.