تصعد الصين إلى القمة بخطى حثيثة. تتقدم على دول العالم بما فيها الولايات المتحدة في مؤشرات عدة للقوة. فعلى سبيل المثال إذا ما أخذنا الناتج المحلي الإجمالي للقوة الشرائية فإن الاقتصاد الصيني يتقدم على جميع الدول. والصين هي الأولى في مؤشرات عدة أخرى مثل إنتاج الحديد كمستقبل للاستثمارات المباشرة كمستهلك للطاقة ومستورد للنفط.
ولا مشاحة من صعود الصين كقوة عظمى في هذا القرن، وإن الصين ستنافس الولايات المتحدة والغرب على عرش العالم، حقيقة لا يختلف فيها عاقلان، ومسالة تؤرق صناع القرار في واشنطن وبعض العواصم الغربية.
وترى دول كثيرة أن الصين أصبحت دولة مهمة تجارياً واقتصادياً وتكنولوجياً، وبطبيعة الحال جيوسياسياً. والمشروع العملاق الذي تبنته بكين وهو مبادرة الحزام والطريق والذي يوسع المجال الحيوي للصين وينشئ شراكات عدة مع كثير من البلدان سيؤتي أكله. وما الاستثمارات الصينية المهولة في أفريقيا إلا جزء من استراتيجية الصين للصعود السلمي عبر الاقتصاد والتجارة والقوة الناعمة إلى الدولة الأولى في العالم.
وقد أدركت دولة الإمارات العربية حقيقة أهمية الصين قبل أن تصل إلى القمة. وكانت زيارة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إلى الصين في العام 1990 تصب في هذا الاتجاه.
وقد كانت هذه الزيارة الأولى من نوعها لزعيم خليجي. وقد وصف التلفزيون الصيني المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بأنه الصديق الحكيم.
وقد أسست الزيارة لعلاقات متميزة ومثالية بين جمهورية الصين ودولة الإمارات. وتنامت العلاقات بين الدولتين في الأربعين عاماً إلى مستويات عالية من التبادل التجاري والاستثمار الاقتصادي الكبيرين والتمثيل الدبلوماسي الرفيع.
وحسب ما جاء في موقع الخارجية الإماراتية، أن حجم التبادل التجاري غير النفطي «تضاعف بين دولة الإمارات والشريك التجاري الأول لها جمهورية الصين الشعبية بحوالي 800 مرة منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما»، وقدر حجم التبادل بحوالي 58 مليار دولار في عام 2018. ويأمل البلدان أن يرفعا حجم تجارتهما ليصل حجم التبادل إلى 200 مليار دولار في عام 2030.
وتأتي زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى الصين في هذا الأسبوع تتويجاً للمسيرة الطويلة التي أسسها المغفور له الشيخ زايد، وفي سياق هذه العلاقات المطردة والمتنامية في جميع أبعادها السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والتجارية.
تنتهج دولة الإمارات سياسة متزنة وبعيدة عن المحاور، ولكنها تخدم مصالحها الاستراتيجية العليا. وكما تذكر «مبادئ الخمسين»، والتي تعتبر الوثيقة الاستراتيجية الأبرز للخمسين سنة المقبلة، أن «التركيز بشكل كامل خلال الفترة المقبلة على بناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم، التنمية الاقتصادية للدولة هي المصلحة الوطنية الأعلى».
ولا ننسى أن الصين أيضاً تنتهج سياسة قوامها التقدم الاقتصادي والرخاء وسياسة رابح - رابح مع الدول النامية. ولا هي دولة مهيمنة تسعى إلى فرض أجندتها السياسية أو الثقافية وتتعامل بندية مع الدول الصديقة.
عندما كنت في زيارة إلى الصين هذا العام أخبرني مسؤول صيني أن الصين تسعى إلى أن يجلس الجميع على المائدة ولا تريد أحداً أن يكون على لائحة الطعام. حكمة صينية يجب أن تدرس بشكل جيد.