تشكل الأسرة نواة المجتمع، وأساس نهضته وتنميته، فهي المنبع الذي ينشأ فيه الفرد، وينهل من ينابيع قيمه ومبادئه، وهي البيئة التي يكتسب فيها شخصيته ومهارته، وينطلق منها إلى مجتمعه ليخوض رحلة البناء والعطاء، ويتشارك مع بني وطنه المسؤوليات في ازدهار دولته، وترسيخ مكانتها وتعزيز اقتصادها، وتدعيم استقرارها وأمانها.

وقد اعتنت دولة الإمارات عناية بالغة بالأسرة، إدراكاً منها لأهميتها ودورها المحوري في بناء الفرد والمجتمع والوطن، وجعلت ذلك على رأس أولوياتها وبرامجها، وذلك منذ فجر اتحادها المبارك، إذ قال مؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه:

«لقد أولينا منذ بداية العمل الوطني اهتماماً خاصاً بإيجاد المناخ الملائم للاستقرار المعيشي للأسرة باعتبارها النواة الأساسية للمجتمع والدولة»، وسارت على هذا النهج المضيء القيادة الحكيمة، وترجمت ذلك واقعاً عملياً مشرقاً، من خلال إطلاق الكثير من التشريعات والمبادرات والبرامج التي تعنى بشؤون الأسرة وسعادتها، وقد لخص سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مكانة الأسرة بقوله: «الأسرة قيمة عظيمة تنبض بين ثناياها كل معاني الحياة».

لقد أخذت دولة الإمارات على عاتقها مسؤولية دعم الأسرة الإماراتية، سواء عبر القوانين والتشريعات أو السياسات الوطنية أو عبر المبادرات والبرامج الاجتماعية، التي تعنى بمختلف الفئات والشرائح، ووجهت الكثير من المؤسسات للعناية بهذا الباب.

ومن أمثلة السياسات التي اعتمدتها دولة الإمارات في هذا المجال، السياسة الوطنية للأسرة التي أطلقتها وزارة تنمية المجتمع في مارس 2018، والتي شملت العديد من المحاور، منها الزواج والعلاقات الأسرية ورعاية الأطفال وغيرها، وذلك بهدف تكوين أسرة مستقرة متماسكة سعيدة مهيأة لمواجهة التحديات وضغوط الحياة، قادرة على بناء أجيال تتحمل مسؤولياتها تجاه المجتمع والوطن، متمسكة بهويتها الوطنية وقيمها النبيلة.

وواكب ذلك إطلاق العديد من المبادرات الاجتماعية في العام نفسه، منها برنامج أبوظبي للدعم الاجتماعي، لتعزيز مستويات المعيشة والحياة الكريمة للمواطنين عبر مختلف أوجه الدعم، ومضاعفة عدد القروض السكنية المعتمدة للمواطنين، وتطوير المرافق المجتمعية في العديد من المدن، وغير ذلك.

ومن السياسات والاستراتيجيات التي اعتمدتها دولة الإمارات للعناية بالأسرة كذلك سياسة حماية الأسرة، والتي سعت من خلالها إلى تعزيز منظومة اجتماعية تحقق الحماية لأفراد الأسرة، وتحفظ كيانها وحقوقها، ومن ذلك كذلك الاستراتيجية الوطنية للأمومة والطفولة، لتوفير الرعاية الشاملة للأمهات والأطفال، وتدعيم حقوقهم في الصحة والتعليم وغير ذلك.

كما عملت دولة الإمارات على تشجيع مختلف القطاعات ليكون لها دور إيجابي في تعزيز سعادة الأسرة وراحتها، ومن ذلك على سبيل المثال برنامج «علامة الجودة لبيئة عمل داعمة للوالدين»، الذي يهدف إلى تكريم المؤسسات العاملة في القطاعات المتنوعة في الدولة، والتي تتبنى ثقافات وسياسات عمل داعمة للوالدين تنعكس إيجاباً على الأطفال.

كما وفرت دولة الإمارات العديد من المؤسسات والمراكز والهيئات الداعمة للطفولة وشؤون الأسرة، والتي تعمل على توفير الرعاية والخدمات الكاملة لهم في دعم مستمر مستدام يبدأ من المرحلة الأولى لتكوين الأسرة، عبر تيسير سبل الزواج للراغبين بذلك بتقديم منح الزواج والإرشاد الأسري لهم، كما يمتد هذا الدعم إلى ما بعد الزواج، ويشمل كافة أفراد الأسرة سواء الوالدين أو الأبناء أو كبار المواطنين أو أصحاب الهمم.

ومن أحدث المبادرات الوطنية لدعم الأسرة في دولة الإمارات «برنامج دعم نمو الأسرة الإماراتية»، الذي اعتمده سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، ويهدف إلى تعزيز نمو الأسرة الإماراتية واستقرارها، من خلال تنفيذ العديد من المبادرات التي تشجع على الزواج والإنجاب، وتحقيق استقرار الأسرة وسعادتها وراحتها.

إن للأسرة مكانة كبيرة في دولة الإمارات، وهي محط دعم مستمر من القيادة الحكيمة، دعم يبدأ مع وضع اللبنة الأولى في صرح الأسرة الإماراتية، ومع أول يوم لولادة فرد جديد من أفرادها، ويمتد ليشمل كبار المواطنين، سواء كان هذا المواطن يوماً ما زوجاً أو زوجة أو طفلاً أو طفلة، عبر مسيرة رعاية مستدامة، تعكس مدى عناية دولة الإمارات بأبنائها حتى أضحوا بفضل الله تعالى من أسعد شعوب الأرض.