من أكثر المواقف المؤلمة في الإدارة أن تخذلنا نتائج فريق عمل تم اختيار أفراده بعناية فائقة.
بعضنا يعتقد أن اختيار أكفاء أو تخصصات متنوعة في فريق عمل هو كل ما يجب فعله لتوقع أفضل النتائج.
غير أن فريق العمل هو «كيان جديد» يتشكل، ويتطور، وهو عرضة للصدامات واختلاف الشخصيات والأجندات الخفية وغيرها. فمن الطبيعي أن يستغرق وقتاً للانسجام أو تبيان حقيقة فاعلية كل فرد.
بعض الأعضاء مثلاً يمتازون بعلاقة قوية مع مديريهم، لكنهم سيئون جداً في التعامل مع الآخرين. وينسى هؤلاء أنهم يهدمون سمعتهم بأيديهم، فلا المنصب يدوم ولا التزلف يبقى من دون عواقب وخيمة.
بعض أعضاء الفريق كلامه أكثر من فعله. باختصار هي حالة «جعجعة بلا طحن» كما يقول المثل. بعضهم يعرف من أين تؤكل الكتف لأنه لا يقترح شيئاً ولا يعلق إلا في صميم هدف المجموعة وعينه على النتائج. لا تأخذه العزة بالإثم فسرعان ما يتراجع عن قرار فورما يقدم زميله مقترحاً أكثر وجاهة.
ولذلك برز في الإدارة ما نسميه بمعايير الفريق Team Norms وهي «حالة التكيف» المنشودة أو بالأحرى القواعد المتعارف عليها بين أفراد الفريق .
والتي تحكم آلية العمل فيما بينهم وكيفية التنسيق والتعاون المشترك. تشبه الثقافة السائدة وهي مسألة في غاية الأهمية لإنجاز المهمات. فعندما تتباين أجندات الفردية يحدث الصدام، غير أن وضوح المعايير يسهل رحلة الإنجاز.
وقبل بلوغ مرحلة المعايير أو التكيف norms يمر فريق العمل بمراحل عدة قبل أن يستقر وينتج. أولها تشكيل الأعضاء (Forming) وفيها يشعر بعض الأفراد بالغربة أو الانطواء مؤقتاً.
ثم مرحلة التصارع (Storming) وفيها قد تدب الصراعات الداخلية الخفيفة حينما يقاوم الأفراد سيطرة آخرين أو يختلفون حول أسلوب القيادة. عادة ما تكون الإنتاجية هنا في أدنى مراحلها. ولذلك قد يتسرع بعض المسؤولين الكبار في حل اللجنة أو الفريق معتقدين أن الأمر لم يعد يحتمل، لكنه التطور الطبيعي في العلاقات وفي فرق العمل.
ثم تأتي مرحلة وضع القواعد أو التكيّف (Norming) فتتضح الصورة للمسؤولين بعد أن يرون العلاقات تتوطد وتتماسك فتتبلور في أذهان الجميع معايير للسلوك المقبول. بعدها يأتي الأداء أو التنفيذ (Performing) وفيها تبدأ حالة التركيز على المهام الموكلة إليهم بفضل ما سبق من مراحل طورت فريق العمل.
بعد مرحلة التنفيذ وتحقيق معظم الأهداف فمن الطبيعي أن يبدأ فريق العمل بالتفكك، وتقل همتهم، وهو إعلان بوصولهم إلى مرحلة الختام (Adjourning).
ما سبق ليس كلاماً إنشائياً، بل هو بالفعل ما نمر به كأعضاء فريق عمل. وقد قدم هذا النموذج الباحث تاكمان Tuckman ثم ذاع صيته. ولحسن الحظ فإن بعض المراحل تكون قصيرة جداً.
وفي حالات أخرى قد نتخطى مراحل معينة نظراً لشدة تناغم الأعضاء واحترافيتهم. أهم ما في هذه المراحل ألا نغضب كقياديين إذا رأينا تصادماً عابراً أو تبايناً شديداً في وجهات النظر، فهي مثل حالة الزواج أو العلاقة المهنية مع مدير جديد سرعان ما نصل إلى مرحلة التكيف أو المعايير المتعارف عليها للإنجاز.
وهذه طبيعة البشر التي تختلف عن الآلات لأننا نأتي من بيئات وشخصيات وتجارب مختلفة كلية. فالعجيب ليس المواجهات التي تحدث بقدر كيف نجحنا في المهمة على أكمل وجه وبأقل الأضرار الممكنة.
كما أن كثيراً من فرق العمل تفشل لأنها تفتقر إلى قيادة رشيدة. ما فائدة وجود طاقم احترافي لو أنّ قبطاناً ضعيفاً يقود دفة السفينة. أهمية القائد تكمن في أنه يعيد النقاش إلى صلب الموضوع كلما حاد أحد عن جادة الهدف المنشود. كما بعض القياديين يبالغ في استخدام سلطاته أو يطفش الناس بأسلوبه الفظ أو تسيبه أو عدم جديته.
في كل فريق عمل إشكاليات تتمدد إذا لم ندرك طبيعة المرحلة التي يمر بها تطور الفريق وإذا لم ندرك ماذا يجب علينا فعله في كل مرحلة.