لطالما كانت خيانة الأوطان والتآمر ضدها سمة بارزة من سمات التنظيمات الإرهابية المتطرفة، وبالأخص تنظيم الإخوان المسلمين، الذي يكشف لنا بكل وضوح عمق هذه الخيانة وتجذرها في فكرهم، فقد تأسس هذا التنظيم منذ نشأته الأولى على أيديولوجية متطرفة، قائمة على معاداة الدول والمجتمعات، وخيانة الوطن في الداخل والخارج.
والعمل على زعزعة أمنه واستقراره، والتحالف مع كل عدو للإضرار به، وتشويه سمعته، وتسخير كل منصة للطعن فيه، في مسيرة مخزية، وخيانة لا حدود لها، كل ذلك تحقيقاً لأهداف حزبية ضيقة لا تجلب سوى الفوضى والخراب والدمار.
ويزداد الأمر شناعة وبشاعة حينما يكون هذا الوطن الذي يعادونه ويتآمرون ضده من أكثر الأوطان تنمية وازدهاراً، وأشدها عناية بأبنائها، وأحرصها على إسعادهم وتحقيق أفضل حياة لهم، دون أن تبخل عليهم بشيء، بل سخرت مؤسساتها ومواردها وسياساتها ليكون شعبها من أسعد شعوب الأرض، فلا يخون حينئذ إلا من عميت بصيرته، وانتكست فطرته، واسودّ قلبه بالجحود والنكران.
وهذه هي حال تنظيم الإخوان المسلمين الإماراتي، الذي صنفته الدولة تنظيماً إرهابياً، وقضت بحله في عام 2013، بعد أن انكشفت مؤامرات أعضائه المدانين، وضبطوا بالجرم المشهود، وعلم المجتمع برمته جنايتهم وخيانتهم، وكل ذلك بالأدلة الواضحة الشاهدة عليهم، ومع ذلك كله فإن الفارين منهم إلى الخارج لم يرتدعوا ولم ينزجروا، ولم يرجعوا إلى عقولهم، بل استمروا في نسجهم المؤامرات ضد الدولة، وكأن الخيانة تجري في دمائهم، حتى انكشف أمرهم بفضل الله تعالى.
فلقد كشفت التحقيقات التي تباشرها النيابة العامة عن أن هؤلاء الفارين من فلول التنظيم أسسوا تنظيماً سرياً خارج الدولة، واستغلوا التكنولوجيا الحديثة وتطبيقات التواصل لتنظيم اجتماعاتهم السرية بالإضافة إلى الزيارات المتبادلة.
كما تعاونوا مع جماعات وتنظيمات إرهابية، وتمكنوا من الحصول على تمويلات منها، وبناء تحالفات معها، والعمل معها في قطاعات إعلامية واقتصادية عدة وغيرها، لتحقيق الأغراض ذاتها التي سعى إليها التنظيم المدان، وارتبطوا بالعديد من واجهات التنظيم الإرهابية التي تتخذ شكل منظمات خيرية وفكرية، بالإضافة إلى قنوات تلفزيونية، كما ارتبطوا بقيادات إخوانية كان لها دور كبير في تنظيم العديد من التظاهرات أمام سفارات الدولة ومقار المنظمات الدولية.
وبهذه الصفحة السوداء الجديدة أثبت هذا التنظيم السري مراراً وتكراراً أنه تنظيم خائن للوطن، يسعى بكل وسيلة للطعن فيه والاستعداء ضده والتآمر عليه، وأنهم اختاروا لأنفسهم طريقاً مظلماً نشازاً عن أبناء هذا الوطن، فبدلاً من أن يسهموا معهم في بناء الوطن وتنميته والمحافظة على أمنه واستقراره ويكونوا عناصر إيجابيين منتمين لدولتهم وموالين لقيادتهم إذا بهم يختارون طريقاً مظلماً متطرفاً، طريق العداء والخيانة والتآمر.
فنسوا كل ما قدمته لهم الدولة من خير وعطاء، ونسوا أنهم كانوا يوماً ما جزءاً من نسيج هذا المجتمع، قبل أن تنحرف بوصلتهم، فيستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير، تحت شعارات زائفة لا صلة لها بدين أو عقل، دون أن يتعظوا بما جرى لفروع هذا التنظيم في العديد من المجتمعات، بعد أن سقطوا سياسياً وأدينوا قضائياً ونبذوا مجتمعياً.
إن انكشاف أمر هذا التنظيم السري الجديد يدل بحمد الله تعالى على يقظة أجهزة الدولة، وعملها الدؤوب في حفظ أمن هذا الوطن والسهر من أجل ذلك، والتصدي للمخططات والمؤامرات المغرضة التي تحاك ضده، وخصوصاً من قبل التنظيمات الإرهابية، التي تسعى لنشر الفوضى والاضطرابات، والعبث بالأمن والاستقرار، وزرع الفتنة والفرقة.
وذلك يحتم علينا جميعاً أن نتحلى بالوعي الكامل واليقظة التامة، متكاتفين مع قيادتنا، لنكون خير سند لوطننا ومؤسساتنا، وصمام أمان لمجتمعنا، فإن الوطن أمانة غالية، وهي سفينة تجري بأبنائها في أمان وسلام، في ظل قيادة حكيمة رشيدة لا تألو جهداً في الارتقاء بهذا الوطن وأبنائه في كل المجالات، في رحلة تنموية مستدامة تتجدد إشراقاتها في كل وقت وحين، لبناء غدٍ أكثر إشراقاً لأجيال الحاضر والمستقبل.
ونتوجه بخالص الشكر والتقدير لأجهزة الدولة على جهودها الحثيثة في كشف هذه المؤامرات والتصدي لمخططات الخونة والمفسدين، سائلين الله تعالى أن يحفظ أمننا واستقرارنا، ويديم علينا الرخاء والازدهار.