الشباب هم عماد المجتمعات، وأساس قوتها ونهضتها، وسر تفوقها الحضاري، بما لديهم من طاقات ومهارات وإبداعات يسخّرونها فيما يفيدهم ويفيد أوطانهم، ولذلك فإن العناية بهم وتطويرهم وتمكينهم من القيام بدورهم الريادي على أكمل وجه أولوية قصوى لأي دولة أو مجتمع، ليكونوا مساهمين فاعلين في مسيرة التنمية والازدهار.
إن للشباب على أسرهم ومجتمعاتهم وأوطانهم حقوقاً عديدة، وذلك بالعناية بهم ورعايتهم وتهيئة الفرص لهم لبناء أنفسهم وتنمية مواهبهم، ورفدهم بالقيم الإيجابية التي تنمي حسهم الوطني وتدفعهم إلى البناء والعطاء والتفاني والإخلاص، وتجعلهم أصحاب فكر مبدع، أسوياء في سلوكهم ومواقفهم وتوجهاتهم وأفكارهم، والعمل على غرس الأمل والتفاؤل والإيجابية في نفوسهم، فلا يتسلل إليهم يأس أو إحباط، ولا عجز أو كسل، بل يكونون على طول الطريق مشاعل مضيئة نابضة بالجد والاجتهاد.
إن حقوق الشباب متنوعة، وهي مسؤولية مشتركة تسهم فيها مختلف الشرائح والمؤسسات، فيجد الشباب من أسرهم أجمل رعاية وأجلى عناية والقدوة الحسنة، ومن الأقارب والأرحام حسن التوجيه والترحيب والاعتزاز بهم، ومن العلماء آذاناً صاغية لتساؤلاتهم واستفساراتهم، ومن المربين والأكاديميين تحفيزاً لهم وتعاوناً معهم وتذليلاً لسبل التعلم أمامهم.
ومن المثقفين والإعلاميين الاهتمام بشؤونهم والتأكيد على دورهم، ومن المؤسسات وجهات العمل تشجيع الموظفين الشباب واستثمار طاقاتهم وتوفير سبل التدريب والتطوير لهم لينجزوا أعمالهم أحسن إنجاز، وهكذا يجد الشاب من مبتدأ دخوله هذه المرحلة بيئة محفزة ومشجعة أينما كان، تربيه على القيم والمبادئ، وتحثه على الإبداع والابتكار، وتساعده على تحقيق طموحاته وأهدافه، ليكون فرداً منتجاً وفاعلاً في مجتمعه.
وإلى جانب هذه الحقوق التي يقوم بها الجميع فإن هناك مسؤوليات عديدة تقع على عاتق الشباب تجاه أنفسهم وأسرهم ومجتمعهم ووطنهم، ومن أهم هذه المسؤوليات المحافظة على هويتهم الوطنية، وقوة انتمائهم لوطنهم وقيادتهم، واحترامهم وتوقيرهم لوالديهم وأسرهم وأرحامهم، والتمسك بما تربوا عليه من عادات أصيلة وأخلاق حميدة.
فعقولهم تجوب العالم شرقاً وغرباً مستفيدين من أحدث ما توصلت إليه البشرية في العلوم والتقنيات والتجارب والاختراعات والاكتشافات، محافظين في الوقت نفسه على هويتهم وقيمهم ومبادئهم ومواطنتهم الصالحة، مدفوعين بحب وطنهم ليكون من أفضل الأوطان تقدماً وازدهاراً، وما أجمل أن يمتزج جمال القيم والأخلاق بقوة العلم والمعرفة، فيكون الشباب حينئذ حصناً حصيناً وقوة بانية، لا تنال منهم أفكار دخيلة أو توجهات مغرضة.
ومن مسؤوليات الشباب كذلك أن يتحلوا بحس المسؤولية بالاستفادة القصوى من هذه المرحلة الحياتية المهمة، التي لا تتكرر في حياة الإنسان، فيستثمروا أوقاتهم ويوظفوا طاقاتهم فيما ينميهم ويطورهم في شتى المجالات، ويتعلموا كل جديد نافع، ويضيفوا إلى أنفسهم خبرات ومهارات جديدة تجعلهم أقدر على خدمة وطنهم، كلٌّ في المجال الذي تخصص فيه، وخاصة وأنهم في وطن فتح لهم الأبواب.
وفي ظل قيادة رشيدة جعلت تمكينهم ورعايتهم في قمة الأولويات، فحري بهم أن يكونوا عند حسن الظن، ويردوا الجميل لوطنهم، فإنما الأوطان بأبنائها، وإنما أساس بناة الوطن هم أنتم أيها الشباب، وفقكم الله وسددكم.
ومن أهم ما ينبغي على الشباب العمل على أن يكونوا درعاً لوطنهم، يصونون أمنه واستقراره، ويحفظون سفينتهم التي تبحر بهم من أي خرق أو ميل، فيتحلّون بقيم الوسطية والاعتدال، ويبتعدون كل البعد عن مظاهر التطرف والانحراف بكافة أشكاله، ويحذرون من دعاة الفتن والفوضى، الذين يحرضون ضد الأوطان، ويسيئون للحكام والمؤسسات، وينفثون سمومهم في كؤوس خداعة، ظاهرها شعارات براقة، وباطنها الخراب والدمار، ساعين لهدر طاقات الشباب فيما يضرهم ويضر أوطانهم.
إن الشباب هم أمل الحاضر والمستقبل، ودورهم حيوي في الارتقاء بالمجتمعات، وإيماناً بذلك حرصت دولة الإمارات على استثمار طاقات الشباب، وهيأت لهم كل السبل حتى تبوأوا أعلى المناصب، وها هي قيادتنا الرشيدة تحرص في كل مناسبة على الاحتفاء بالشباب والإشادة بهم والتأكيد على دورهم وإطلاق المبادرات التي تمكنهم من النهوض بوطنهم في كافة المجالات، «وإن دولة الإمارات ماضية في الاستثمار في الشباب وتمكينهم لدفع عجلة النمو في بلدنا»، كما قال سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله ورعاه.