خطاب أبوي وجهه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى أبنائه وبناته الطلاب والطالبات، بمناسبة بدئهم العام الدراسي الجديد، تتضمن رسائل وإشراقات، تنير لهم الطريق، ليحملوا راية التقدم والنهضة في غدهم المشرق، وتغرس في نفوسهم قيماً سامية وأهدافاً نبيلة، مؤكداً سموه بذلك دور التعليم في صناعة أجيال المستقبل القادرين على إحداث نقلات نوعية في مسيرة التنمية المستدامة.
افتتح سموه رسالته بكلمات دافئة وعبارات أبوية حانية، مخاطباً إياهم بـ «أبنائي وبناتي الطلاب» و«عيالي»، وهي عبارات تكشف عن عمق العلاقة الأبوية التي تربطه بهم، فهو القائد الحكيم والأب الحنون الذي يحرص كل الحرص على أبناء شعبه والمقيمين على أرضه، ويهتم كل الاهتمام برعايتهم وتحفيزهم وإهداء النصائح الغالية الثمينة لهم، ليكون ذلك لهم نبراساً ينير طريقهم.
وبهذه المناسبة قدم سموه لهم التهنئة، وأسدى لهم نصيحة ثمينة، قائلاً لهم: «بداية أريد من كل واحد منكم أن يكون قدوة طيبة في مدرسته وبيته، قدوة في احترام وتقدير معلميكم ووالديكم»، وهي من أعظم النصائح والتوجيهات، أن يكون الإنسان قدوة ملهمة يقتدي به الآخرون في أهدافه وأقواله وأفعاله، يسعى لأنبل الأهداف، وينتقي أجمل العبارات، ويحرص على أميز سلوك، وخاصة مع من لهم عليه حق وفضل، ومن أعظمهم الوالدان والمعلمون، وقد قال الله تعالى:
{وبالوالدين إحساناً}، وأخبرنا الله سبحانه عن قصة موسى والخضر، وما في ذلك من اجتهاد المتعلم وتوقير المعلم، وفي الحديث النبوي الشريف: «ليس منا من لم يعرف لعالمنا حقه»، فالوالدان سبب لحصولك على الحياة، حياة البدن والجسد، والمعلم سبب لحصولك على حياة العقل بالعلم النافع والمعارف والمهارات، ففضلهما كبير، وحقهما عظيم.
ثم بين سموه مكانة الطلاب والطالبات، مؤكداً لهم بأنهم مستقبل هذا الوطن، وأن التعليم عنصر أساسي في مسيرة تنمية بلادنا، حاضرها ومستقبلها، وفي ذلك تكريس لأهمية العلم وفضله وأثره العميم في بناء الحضارات والأمم، ودور الأبناء والبنات في الاستزادة منه، ليكونوا متسلحين بأهم مقومات التنمية والبناء، وهو العلم والمعرفة، وقد قال الله تعالى لنبيه الكريم: {وقل رب زدني علماً}، فلم يأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم، بطلب الازدياد من شيء إلا من العلم، وذلك لشرفه وأهميته، وقال جل في علاه ممتناً على نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام: {وعلمك ما لم تكن تعلم}، وقال سبحانه: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}، وقد نبه العلماء والحكماء والأدباء والشعراء على فضل العلم وأهميته، وحثوا أبناء مجتمعهم على أن ينهلوا من معينه الزلال، ليكونوا قدوات ملهمة مشرقة.
وفي هذا الإطار نوّه سموه على ما تميز به هذا العصر من التطور التكنولوجي وما وصل إليه من الذكاء الاصطناعي، مؤكداً أهمية هذه الأدوات في تطوير العملية التعليمية، وأن الأهم استخدامها بمسؤولية ووعي لتحقيق الفائدة المرجوة.
وفي هذا تكريس لمبدأ مهم في بناء الأوطان وهو بناء الإنسان، الذي يتسلح بالمهارات والقدرات التي تعينه على نفع نفسه ووطنه، وأن ما سوى ذلك إنما هي أدوات ووسائل تحتاج إلى مسؤولية ووعي في استخدامها، وما أحوج البشرية اليوم إلى هذه الأخلاقيات المهمة في التعامل مع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، أخلاقيات واعية ومسؤولة وساعية لتحريك هذه الأدوات في مسار واحد لا غير مسار الفائدة والنفع.
كما أكد سموه على قضية مهمة لإنجاح العملية التعليمية، وهي التعاون المستمر بين الأسر والمدارس، وتكامل الأدوار بين أولياء الأمور والمعلمين، لأن ذلك يسهم في توفير بيئة مناسبة لنجاح الأبناء، وهكذا يجد الطالب نفسه في بيئات مشجعة محفزة تمده بالطاقات الإيجابية وتتابعه وترعاه وتوجهه، ابتداء من بيته وانتهاء بمدرسته.
وختم سموه كلمته بنصيحة عظيمة لا غنى لأي فرد عنها، وبالأخص الطلاب والطالبات، وهي التمسك بالتربية والحفاظ على قيمنا المستمدة من موروثنا الإماراتي الأصيل، وأن تكون هذه القيم هي البوصلة التي توجه سلوكنا، سواء عبر الإنترنت أو في حياتنا اليومية.
إن كلمة صاحب السمو رئيس الدولة نبراس مضيء زاخر بالقيم والمبادئ الراقية، ينبغي على الطلاب والطالبات أن يضعوها في قلوبهم، ويجعلوها خارطة طريق لهم، وهم ينهلون من العلم في مدارسهم وجامعاتهم وكلياتهم، ليكونوا بحق بناة الغد وصناع المستقبل.