كعادتي كل يوم.. وبينما كنتُ أتصفح الأخبار اليومية، لفت انتباهي خبر في الصحف المحلية بعنوان «تحويل «اشحفان» إلى عمل مسرحي بمشاركة أصحاب الهمم»، استوقفني الخبر، وبثَّ في داخلي جرعات كبيرة من السعادة.

فأنْ يحمل مسلسل إماراتي اجتماعي جرى إنتاجه في عام 1976، ويحظى بمكانة مميزة في القلوب، ويُشكّل جزءاً من ذاكرة الدراما المحلية والخليجية، بصمات أبنائنا من أصحاب الهمم، ليُشعِلوا من خلاله حنيننا إلى زمن الطيبين، ويعيدوا تحويله إلى عمل مسرحي جديد وجذاب، مُتجاوِزين كل العوائق والصعوبات، فهذا إنجاز يدعو للفخر، ويؤكد لنا على قوة الثقافة والفنون، وقدرتهما على استثمار الطاقات والإمكانيات وتحويلهما إلى إبداعات حقيقية وملموسة.

فكرة المشروع بحد ذاتها ملهمة، تعكس في مضامينها مفاهيم التحدي والرغبة في التميز، وتسرد حكاية إرادة وعزيمة، وتكشف عن مسارات إبداعية جديدة تفيض بالشغف، وتُبيِّن كيف تحول أصحاب الهمم في دولتنا إلى قوة منتجة قادرة على إبهار المجتمع، والمشاركة في إثراء المشهد الثقافي المحلي بأفكار خلاقة وإنتاجات مبتكرة، وهو ما تجلّى أيضاً في عدة مسلسلات، كـ«أحلام يرسمها الغبار» و«حواجز مبعثرة» و«دار الحياة»، التي تم إنتاجها في الدولة بمشاركة أصحاب همم يمثلون 11 جنسية مختلفة، تمكنوا جميعاً من تنفيذ 80 % من مكونات العملية الإنتاجية، واستطاعوا بإصرارهم تجاوز تحديات الأداء والتمثيل، ليقفوا بكل ثقة أمام الإضاءة والكاميرات بعد أن وجدوا كل الدعم والتشجيع في إماراتنا التي آمنت بهم وبقدراتهم اللامحدودة.

حيث نجحوا من خلال مشاركتهم الفاعلة والمتميزة في صياغة نصوص ملهمة، وتصوير وإخراج مشاهد جميلة ومعبرة تجسد نظرتهم لقضايا المجتمع، وتقديم موسيقى تصويرية ساحرة، تعكس تفرد لمساتهم وبصماتهم الإبداعية، وتبرز قدرتهم على التعبير عن طموحاتهم وأحلامهم التي تعانق سقف السماء.

في كل مرةٍ ينجح أصحاب الهمم في كسب قلوبنا والفوز بالتحدي، فما يضيفونه من جمالٍ إلى عالمنا، مُجسَّداً فيما يكتبونه من قصص، وما يقدمونه من إنتاجات درامية ومسرحية، وما يبدعونه من مشغولات يدوية وأعمال فنية وغيرها، يجعل منهم نماذج متفردة تعلمنا معنى الإرادة والعطاء والعمل بروح الفريق الواحد، وتفتح أعيننا على أهمية تمكينهم في مختلف المجالات، وتعزيز حضورهم على الساحة، والأخذ بأيديهم نحو آفاق أوسع يُحلّقون فيها بإبداعاتهم ويخرجون فيها عن المألوف.

فما الذي لا يستطيعون تجاوزه وتقديمه بعد أن أصبحوا نجوماً حقيقيين أمام الكاميرا التي يتخوّف منها الكثيرون؟

مدير عام هيئة الثقافة والفنون في دبي