خطوة ضرورية ومهمة، هي الحملة التي أطلقها معالي الشيخ عبد الله بن محمد آل حامد رئيس المكتب الوطني للإعلام، رئيس مجلس إدارة مجلس الإمارات للإعلام، تحت شعار «أوقفوا الإساءات»، بهدف التصدي للذباب الإلكتروني الذي يسيء للعرب جميعاً، داعياً إلى حظر أصحاب الحسابات المسيئة، وفتح باب التسامح بين الجميع.
معاليه قال عبر حسابه على منصة «X»، عند إطلاق الحملة: «الرد على السفيه ليس من الأدب العربي، ولا مكان للذباب. أرجو منكم حظر كل من يسيء لأي عربي، أينما كان. إيماننا بأصالتنا وعروبتنا، هو ما يمنحنا هذا الدافع. كلهم نفس الأشخاص، يعيدون إنشاء حسابات للنميمة والتفرقة. مهنة مسلية تملأ الفراغ أحياناً، صيد الذباب».
حملة معالي الشيخ عبد الله آل حامد، لقيت تجاوباً سريعاً في دول الخليج العربي والدول العربية، حيث بادرت شخصيات رسمية وهيئات إعلامية، إلى تأييد الحملة، وتفاعلت معها، ودعت إلى التكاتف لطرد الذباب الإلكتروني من الفضاء المفتوح ووسائط التواصل الاجتماعي، الأمر الذي جعل معالي الدكتور أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، يتفاعل مع الحملة، ليغرد قائلاً في حسابه على منصة «X»: «جهود مهمة وجادة للتصدي للحسابات المسيئة لدولنا الخليجية، والساعية لتحقيق أهداف مختلفة، عبر نشر الفتنة وخلخلة النسيج الاجتماعي الخليجي. دعوة نبيلة ومبادرة حكيمة لمعالي تركي آل الشيخ، ومعالي عبد الله آل حامد، تعكس الحرص المشترك بأهمية المشاركة لمكافحة هذه الظاهرة الخبيثة». معالي تركي آل الشيخ، رد بدوره على تغريدة الدكتور أنور قرقاش، في حسابه على المنصة نفسها، قائلاً: «معالي الغالي د. أنور... دائماً جميل بعباراتك وأسلوبك، وراقٍ بطرحك... تحياتي لك وأهلي في بلدي الثاني الإمارات».
هذا التناغم بين مسؤولين يتولون مناصب رفيعة في دول الخليج العربي، يشكل أبلغ رد على «الذباب الإلكتروني»، الذي يسعى إلى إفساد العلاقة بين شعوب المنطقة، وبث الفتنة في أوساط بعض الفئات القابلة للتأثر بالحملات الخبيثة، وهي فئات مضلَّلة، ومستهدفة، لأسباب غير خافية على أحد، تَرْكُها لحملات التضليل هذه خطأٌ وخطرٌ، لأن معظم النار من مستصغر الشرر. التغريدات والبثوث الموجهة لإحداث فتنة بين أبناء دول الخليج العربي والأمة العربية، تتكاثر بشكل كبير، مستغلةً الأحداث التي تقع في المنطقة، وهي تستخدم أساليب رخيصة، قد تنطلي على البعض، لذا، فإن التصدي لها يتطلب العقل والحكمة، وعدم الرد عليها بالأسلوب نفسه.
هنا تحضرني «صفات الشخصية الإماراتية على مواقع التواصل الاجتماعي»، كما حددها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عندما وصفها بأنها شخصية تمثل صورة زايد، وأخلاق زايد في تفاعلها مع الناس، وتعكس الاطلاع والثقافة والمستوى المتحضر الذي وصلته الإمارات. شخصية تبتعد عن السباب والشتائم، وكل ما يخدش الحياء في الحديث. شخصية علمية، تستخدم الحجة والمنطق في الحوار، وتقدر الكلمة الطيبة، والصورة الجميلة، والتفاعل الإيجابي مع الأفكار والثقافات والمجتمعات. شخصية نافعة للآخرين بالمعلومة، وناشرة للأفكار والمبادرات المجتمعية والإنسانية التي يزخر بها الوطن. شخصية مندمجة مع محيطها العالمي، تتحدث لغته، وتتناول قضاياه، وتتفاعل إيجابياً مع مستقبله. شخصية واثقة من نفسها، تتقبل الاختلاف، وتبني جسوراً مع غيرها من الشعوب. الشخصية الإماراتية تعكس التواضع والطيبة ومحبة الآخرين، والانفتاح على بقية الشعوب. شخصية تعشق وطنها، وتفتخر به، وتضحي من أجله.
صفاتٌ تشكل في مجملها ما يجب أن تكون عليه الشخصية العربية في مواقع التواصل الاجتماعي، وتنطبق على شخصيات كل مواطني دول الخليج العربي والدول العربية، التي تخاطبها حملة معالي الشيخ عبد الله بن محمد آل حامد، التي أطلقها، مستلهماً إياها من توجهات وتوجيهات القيادات الخليجية والعربية الحكيمة، ومن الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها المكتب الوطني للإعلام، ومجلس الإمارات للإعلام، وهي أهداف تصب في صميم العملية الإعلامية، التي يجب أن تضطلع بها وسائل الإعلام الخليجية والعربية، بمختلف أشكالها، إلى جانب أفراد المجتمع الذين يشكلون جمهور مواقع التواصل الاجتماعي، الذين يستهدفهم «الذباب الإلكتروني» بطنينه المزعج.
حملة «أوقفوا الإساءات»، يجب أن تصل إلى الذين يروجون لبعض المقاطع التي تسيء إلى بعض الدول العربية وقادتها، وهم لا يشعرون أنهم يخدمون بهذا أعداء الأمة، عن حسن نية، أو عن جهلٍ، هو إلى سوء النية أقرب.