تظهر في الشدائد والملمات معادن الدول وقادتها وشعوبها، وتتجلى قيمها الأصيلة التي قامت عليها، قيم التضامن والتكافل والبذل والعطاء، قيم مساندة الإنسان للإنسان، وخصوصاً في أحلك الظروف والكروب، ليكون لله أقرب، وللخلق أنفع، وبالرحمة والتعاطف أرقى وأسمى، وحينما تترسخ هذه القيم حتى تغدو شجرة باسقة ممتدة الجذور والأغصان يصبح العطاء منهجاً إنسانياً مستداماً، فلا تنقطع ثمار هذه الشجرة عن نفع كل محتاج في أي ظرف وحال.

هكذا هي حال دولة الإمارات العربية المتحدة، وهكذا هم قادتها الملهمون، وهكذا هو شعبها الأصيل، معين عطاء لا ينفد، وغراس خير لا ينقطع.

لا ترى ملمة أو أزمة تصيب أشقاء أو أصدقاء إلا وتتسابق دولة الإمارات إلى مد يد العون لهم، وتحجز مقعدها في مقدمة الصفوف الأمامية لأبطال الإنسانية، حتى غدت نموذجاً فريداً ومثالاً ملهماً في ميادين البر والخير والإحسان دون قيد أو شرط، ودون تمييز بين عرق أو لون أو جنس أو دين، انطلاقاً من قيمها الإسلامية السمحة، ومبادئها الوطنية الراسخة.

وذلك منذ أن تأسست على يد المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه المؤسسين، رحمهم الله جميعاً، واستمرت على هذا النهج المضيء عاماً بعد عام، وعقداً بعد عقد.

وها هي اليوم مع تعدد الأزمات التي أصابت بعض الأشقاء في دول عدة تطلق الحملات الإنسانية والمبادرات الخيرية المتوالية، لدعمهم ومساندتهم وتضميد جراحاتهم، لتكون لهم كالبلسم المداوي، وتسخر المؤسسات الوطنية والمنصات الإعلامية والخطب ومنابر الجمع، وغيرها، لتشجيع مختلف شرائح المجتمع على أن يكونوا خير سند وعون للأشقاء.

ويتحلوا بثقافة وسلوك التكافل والتضامن معهم، لتؤكد دولة الإمارات بذلك للعالم أجمع أن رقي الدول وتحضرها وتقدمها بأن تكون قلباً نابضاً بالرحمة والإنسانية، وأيادي ممتدة بالخير والعطاء إلى كل محتاج أينما كان.

ومن هذا الباب أطلقت دولة الإمارات تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، حملة «الإمارات معك يا لبنان»، وذلك بهدف إغاثة الشعب اللبناني الشقيق في ظل ما يتعرض له من تصعيد ميداني، وتوفير ما يحتاج إليه من إمدادات طبية ومواد غذائية ومستلزمات إيوائية، وغير ذلك من الاحتياجات المتنوعة، وقد لقيت هذه الحملة الإغاثية، بفضل الله تعالى، تفاعلاً شعبياً كبيراً في مختلف مناطق الدولة، حتى استطاعت خلال أسبوعها الأول أن تجمع 110 ملايين درهم.

كما لم تتوقف دولة الإمارات عن إطلاق المبادرات المستمرة للتضامن مع شعب غزة، وتخفيف المعاناة عنهم، ومد يد العون لهم على كل المستويات، وذلك ضمن عملية «الفارس الشهم 3».

ذلك الذي يتزامن كله مع تجديد المطالبة بإيقاف الحرب في غزة ولبنان، ضمن جهود حثيثة لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، وتقديم الدعم المستدام للأشقاء، سواء على الصعيد السياسي أو الدبلوماسي أو الإنساني أو غير ذلك.

إن جهود دولة الإمارات في دعم الأشقاء جهود شاملة مستدامة، تسعى من خلالها إلى إيجاد حلول سياسية ودائمة للصراعات القائمة، وتدعم كل المبادرات التي من شأنها أن تسهم في تحقيق ذلك، وخصوصاً في فلسطين.

وكذلك في لبنان، وتستثمر أي فرصة لتعزيز السلام والاستقرار، وإيقاف الصراعات والحروب المريرة، بما يحفظ دماء الأبرياء، ويدفع الأذية عنهم، ويحقق لهم الاستقرار الذي يحلمون به، ويعينهم على التنمية والازدهار.

كما تعمل جاهدة على تقديم المساعدات المتنوعة لهم، لتلبية احتياجاتهم، في مختلف المجالات الحيوية، سواء المجالات الغذائية أو الطبية أو وسائل الإيواء أو التعليم أو غير ذلك، وذلك لما تحمله من إيمان راسخ بأهمية التضامن العربي والإنساني، وتكثيف الجهود المشتركة مع الجميع لتحقيق تطلعات الشعوب في العيش بسلام وكرامة ورفاهية.

إن نهج دولة الإمارات في دعم الأشقاء نهج إنساني أصيل مستدام، يعكس قيمها الناصعة، التي تهدف إلى مساعدة الشعوب على العيش بسلام، وبناء مستقبل مشرق أفضل لهم.

كاتب إماراتي