عقدت في بروكسل العاصمة البلجيكية الأسبوع الماضي قمة دول مجلس التعاون وقيادات السوق الأوروبية تحت شعار من أجل السلام والازدهار.

هي خطوة متقدمة في العلاقات الدولية، دول الخليج لها مصالح مشتركة مع دول السوق، وكانت الأخيرة كمجموعة مترددة في التعامل مع مجلس التعاون لأنها كانت تفضل العمل مع الدول منفردة، وتشبك الموضوع الاقتصادي مع موضوعات أخرى لم تكن مقبولة، ومرت سنوات والمحاولات أن تلتئم المجموعتان كندين، من دون نجاح يذكر.

اقتنعت الدول الأوروبية أخيراً بأن الأفضل الحديث مع المجموعة الخليجية بصفة جماعية، وصدر بيان تاريخي بين الطرفين، شمل المواقف المشتركة في القضايا الدولية والمصالح البينية.

هذا الاجتماع نجاح للعمل الخليجي الموحد، وهو ليس فقط في الجانب الاقتصادي، بل أيضاً في الجانب السياسي؛ فدول الخليج لها موقف ثابت في إقامة (حل الدولتين) في فلسطين، القضية الملتهبة والتي لها صدى عميق في مسيرة الاستقرار، ومن الكلمات التي قدمت في اللقاء ظهر التوجه الذي أصبحت تعترف به دول السوق الأوروبية، وهو أن أصل الشرور في منطقة الشرق الأوسط ما وقع ويقع على شعب عربي هو الشعب الفلسطيني، ففي الوقت الذي تعترف الدول العربية بإسرائيل، آن لإسرائيل أن تعترف بالحق الفلسطيني.

على الرغم من التنمر من بعض (الأخوة الأعداء) على موقف دول الخليج، إلا أن ذلك التنمر لم يعق أن تقوم هذه المجموعة مدفوعة بإحقاق الحق، بالدعوة الجادة إلى حل سلمي ينجي الأطراف كافة من حمام الدم المتكرر والزعيق الأيديولوجي المعطّل.

تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين المجموعتين والعمل على المشترك وعلى الحفاظ على السلام الدولي والإقليمي، وحل الخلافات عبر الحوار واحترام القانون الدولي احتراماً صارماً واحترام حقوق الإنسان، هي القاعدة للسلم الاجتماعي.

اللافت أن ذلك اللقاء بعد أن تأخر سنوات، تم الاتفاق على أن يكون مؤسسة، أي عقده بشكل دوري، واللقاء الثاني سيكون العام المقبل في الرياض، العاصمة السعودية ومقر مجلس التعاون.

ربط المصالح والاستثمارات المشتركة وحماية الاستثمار من الهزات السياسية كان أيضاً موقع توافق، كما أشير في البيان أيضاً إلى ملفين مترابطين، وهما أمن الطاقة وكفاءة الطاقة، وهو يعني استمرار تدفق الطاقة من الخليج إلى العالم دون معوق، والتعاون في تطوير الطاقة البديلة، ما يخدم مصالح الشعوب.

لقد ثمن الطرف الأوروبي دور دول الخليج في السعي إلى حل النزاعات بالطرق السلمية، فقد كانت هناك خطوات مشهودة لدول المجلس في التدخل الإيجابي بين الأطراف المتنازعة في الساحة الدولية.

على الملف الساخن الذي يتفجر من حولنا الدماء وصراخ الأطفال والأرامل، أي حرب غزة ولبنان، سجل البيان رؤيته في ضرورة وقف إطلاق النار، والإفراج عن الرهائن من جهة، والأسرى الفلسطينيين من جهة أخرى ووصول المساعدات الإنسانية لهؤلاء الذي يصرخون من الجوع والعطش من دون تأخير، والأهم أن الفريقين، مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي توافقا على العمل معاً لتحقيق تلك الأهداف الإنسانية وإحلال السلام.

قراءة متأنية للبيان الختامي يمكن أن نستنتج أن معظم ما يعانيه العرب، وليس فقط دول مجلس التعاون، قد وضع على مائدة المحادثات، من فلسطين إلى لبنان إلى اليمن، وتم توافق أوروبي على أهمية حل كل القضايا حلاً عادلاً يتيح للإنسان العربي حياة كريمة وآمنة.

وهي خطوة تمثل الثقل الذي يمكن أن يحققه مجلس التعاون على الصعيد الدولي، وهو التجمع العربي الوحيد الذي استطاع أن يرتقي بعلاقاته البينية إلى مصاف التفكير العقلاني الذي يخدم الجميع. رسالة إلى الفرقاء أن الكل أكبر من مجموع الأجزاء.