عندما أتأمل في المسيرة التي سلكناها لتمكين الأطفال والشباب حول العالم من خلال التعليم، أشعر بمزيج من الفخر والقلق في الوقت نفسه. فخور بما حققناه من تأثير إيجابي في حياة ملايين الأطفال والشباب، لكنني قلق من أن نظم التعليم العالمية لا تزال غير فعالة وغير قادرة على إعداد الجيل القادم لمستقبل ينتظرهم.

في عصر التطورات التكنولوجية، وتغير المناخ، وتزايد عدم المساواة، أصبحت نماذجنا التعليمية الحالية ببساطة قديمة. أتذكر بوضوح أننا واجهنا تحديات مشابهة مع الأهداف الإنمائية للألفية التابعة للأمم المتحدة، حيث أخفقنا في تحقيق الهدف الثاني المتعلق بالتعليم الابتدائي الشامل بحلول عام 2015.

كما أخشى أن يعيد التاريخ نفسه مع الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة المتعلق بالتعليم السليم، وأن تمر المهلة المحددة لعام 2030 دون الوفاء بالوعود التي قُطعت منذ سنوات عندما تم تحديد هذه الأهداف، ما لم يحدث تحول جريء الآن.

من الضروري إعادة صياغة نهجنا تجاه التعليم لضمان أن تكون الأجيال القادمة ليست مستعدة للبقاء على قيد الحياة فحسب، بل أيضاً للازدهار.

أطلقنا «إطار عمل دبي العطاء لتحويل التعليم العالمي» من هذه الحاجة الملحة. ويمثل الإطار رؤية قائمة على الاعتقاد بأن التعليم يجب أن يتطور بعيداً عن الأساليب القديمة، إلى أمر أكثر ديناميكية وملاءمة وشمولية.

على مر السنين، شهدت بنفسي قوة التعليم في تغيير الحياة، وتمكين المجتمعات وإطلاق العنان للقدرات. ومن بين أكثر الأساليب تأثيراً هي تلك التي تنطلق من منظور النظام البيئي والتعاون عبر مختلف القطاعات، والأهم من ذلك تلك التي تزود الطلاب بالأدوات اللازمة للتنقل في عالم يملأه التعقيد وعدم اليقين.

لم يعد العالم هو الذي نشأت فيه، ولا هو العالم الذي تلقى فيه العديد منا تعليمه. يواجه أطفالنا مستقبلاً يتسم بالتقدم التكنولوجي السريع وتحديات المناخ وتغيرات في الواقع الاقتصادي، ومع ذلك لا تزال العديد من مدارسنا تعلم وكأن العالم لم يتغير.

نحتاج إلى الانتقال من التعلم عن ظهر قلب والاختبارات الموحدة إلى تعزيز الإبداع والتفكير النقدي ومهارات حل المشكلات. يجب أن نعزز أيضاً الذكاء العاطفي والمرونة والفهم العميق للاستدامة حتى يتمكن الطلاب من مواجهة التحديات القادمة.

ويوفر إطار العمل الذي أطلقناه خطة لهذا التحويل، إذ يتعلق الأمر بالانتقال من الفصول الدراسية التقليدية إلى نموذج تعليمي يشجع على الفضول والتعاون والقدرة على التكيف. لم يعد التعليم مجرد معرفة أكاديمية، بل أصبح يتعلق بإعداد الشباب لقيادة وابتكار وبناء عالم أفضل. يتعلق الأمر بتشكيل إنسان المستقبل.

إطار العمل هذا ليس مجرد نموذج فحسب، بل هو مستند إلى أدلة مثبتة تم تحقيقه بنجاح في قطاعنا على مر العقود. ندرك أن حاجة تحويل التعليم تستدعي العمل، لذا مع وجود هذا الإطار كأداة توجيهية وبفضل التوصيات من قطاعنا، انتقلنا بسرعة إلى العمل الملموس.

ولهذا السبب أطلقنا مسرع حلول التعليم العالمي في قلب مؤتمر الأطراف 28 في دولة الإمارات، وذلك لتأكيد دعوتنا لوضع التعليم في صميم جدول أعمال الاستدامة العالمي.

تتمثل مهمة المسرع في إعادة صياغة مشهد التعليم لتمكين 2.1 مليار شخص في 10 بلدان من تحقيق إمكاناتهم الكاملة في نظام تعليمي جديد يضع الإنسان في مركز التفكير والعمل، وذلك من خلال الاعتماد على إطار عمل دبي العطاء كأداة توجيهية.

أعتقد أننا فعلاً عند نقطة تحول تمكننا إما أن نستمر في إجراء تغييرات تدريجية لا تعالج جذور المشكلة، أو نغتنم الفرصة لإعادة صياغة مشهد التعليم من الأساس. ونحن في «دبي العطاء» اخترنا الخيار الثاني، ولسنا وحدنا. من خلال المسرع، ندعو الحكومات والشركات والمجتمع المدني والأفراد من جميع أنحاء العالم للانضمام إلينا في هذا الجهد. التحديات التي نواجهها هي تحديات عالمية، لذا يجب أن تكون حلولنا حلولاً عالمية أيضاً.

التعليم هو أقوى أداة لدينا لصياغة المستقبل. الأمر لا يتعلق فقط بملء الفصول الدراسية، بل إيجاد شعور بالهدف والفضول والقدرة على الفعل في كل طفل وشاب. يتعلق الأمر بإعدادهم لقيادتنا نحو مستقبل تتناغم فيه الاعتبارات البشرية والبيئية. معاً، لدينا القدرة على جعل هذه الرؤية واقعاً ملموساً. حان الوقت لتحويل التعليم الآن.

  الرئيس التنفيذي ونائب رئيس مجلس إدارة دبي العطاء