قبل سنوات كانت المركبات التي تقود نفسها ذاتياً مجرد حلم بعيد المنال، ولكنها لم تعد خيالاً علمياً حيث استولت صناعتها على اهتمام المصنعين في جميع أنحاء العالم ويجري اختبارها في العديد من البلدان في وقتنا الحاضر، ويعتبر هذا النوع من المركبات تطوراً مهماً في عالم التكنولوجيا الحديثة، حيث تهدف إلى تحسين تجربة وسائل النقل وجعلها أكثر أماناً وفعالية، ويتمثل جوهر هذه التقنية في القدرة على توجيه السيارة واتخاذ القرارات المناسبة بشكل ذاتي دون تدخل من السائق معتمدة على مجموعة متقدمة من الأنظمة الحاسوبية التي تساعدها على استشعار البيئة المحيطة وتفسير البيانات بشكل فعال لاتخاذ القرارات الصحيحة.

وسيتمتع هذا الجيل من المركبات بفوائد واسعة مثل سرعة استجابة نظام القيادة الإلكتروني وامتلاكه للرؤية من جميع الزوايا بما سيترتب عليه من آثار كمنع وقوع الحوادث، وسينعكس ذلك على تقليل التكلفة المرتبطة بالحوادث للحد الأدنى، وتقليل الازدحام المروري.

وبالرغم من مميزات وإيجابيات المركبات ذاتية القيادة لكن تبقى المهددات المصاحبة لظهورها أمراً متوقعاً، حيث ستكون مسائل الأمان والسلامة مرتبطة بعمل الخوارزميات المثبتة في النظام الإلكتروني للقيادة، وبالتالي تمثل هذه الخوارزميات عنصراً حاسماً لأنها ستتحكم في استجابة المركبة عندما تواجه غير المتوقع أو حالات الطوارئ التي تهدد الحياة، كما تشمل المخاطر أيضاً فشل برامج التشغيل الذاتي، أعطال الشبكة، القرصنة والهجمات الإلكترونية الإرهابية.

لقد أدرك المشرعون في مختلف بلدان العالم أنهم بحاجة إلى تعديلات قانونية مُلحة كخطوة ضرورية وحتمية لاستيعاب واقع القيادة الذاتية، وتباينت التشريعات في ذلك حيث ذهب بعضها إلى مخاطبة قضايا المركبات الذاتية بصورة مباشرة بينما اكتفى بعضها الآخر بسن مبادئ توجيهية أو على الأكثر قواعد قانونية تُمهد الطريق للتشغيل التجريبي لهذا النوع من المركبات.

ولقد كان لدبي السبق في المنطقة في سن تشريع ينظم المركبات ذاتية القيادة، وذلك بموجب القانون رقم 9 لسنة 2023 بشأن تنظيم تشغيل المركبات ذاتية القيادة في إمارة دبي، والذي عرفها بأنها مركبة تسير على الطريق باستخدام نظام القيادة الآلي تتوفر فيها المواصفات والمقاييس المعتمدة من الهيئة والجهات المختصة ولا تشمل المركبة ذات الأنظمة المساعدة للسائق فقط، كالمساعدة في الحفاظ على المسار أو مثبت السرعة أو الفرامل عند الطوارئ أو الركن الذاتي.

وحددت المادة رقم «8» من القانون سالف الإشارة إليه شروط ترخيص المركبة ذاتية القيادة وهي ما يلي: أن يكون مصدر المركبة ذاتية القيادة عند تسجيلها لأول مرة هو الوكيل المحلي المعتمد لنوع المركبة في الإمارة، أن تكون المركبة ذاتية القيادة قد سُجلت في دولة المصدر أو المنشأ وثبت استخدامها على الطرق العامة المخصصة لفئتها وصنفها في الدولة، أن تجتاز الفحص الفني المقرر لدى الهيئة، أن تكون مهيأة لقراءة علامات السير والتعامل معها، ومهيأة للتعامل مع أولويات الطريق والسير عليه، أن تتوافر فيها معايير الأمن والسلامة والمواصفات والأنظمة اللازمة للتعامل مع الطريق ومستخدميه وفقاً للدليل المعتمد في الدولة، أن تكون مؤمناً عليها لدى إحدى شركات التأمين المرخصة بالعمل في الدولة.

كما أشارت المادة «13» إلى التزامات الراكب بأنه يجب عليه الالتزام بـ«متطلبات الأمن والسلامة المعتمدة من الهيئة أو المشغل أو الوكيل أو الجهات المختصة خلال استعمال المركبة ذاتية القيادة، عدم العبث بأنظمة وبرامج المركبة ذاتية القيادة أثناء استخدامه لها، عدم إدخال أي مواد قد تؤثر على سلامة المركبة ذاتية القيادة وأنظمتها».

وفيما يتعلق بالمسؤولية المدنية عن تعويض الأضرار فلقد بين القانون أن المُشغل يتحمل مسؤولية التعويض عن الأضرار التي تلحق بالأفراد أو الممتلكات بسبب المركبة ذاتية القيادة ولا يخل ذلك بحقه في الرجوع على المتسبب الحقيقي بهذه الأضرار وفقاً للقواعد العامة للمسؤولية، ولا تتحمل الهيئة أي مسؤولية عن الأضرار التي تلحق بالغير نتيجة استخدام المركبة ذاتية القيادة.