حلّت الذكرى العشرون لوفاة الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – طيّب الله ثراه - يوم السبت الماضي، الذي شكلّ مع إخوانه حكام الإمارات أبرز وأنجح تجربة وحدوية عرفها العالم العربي في العصر الحديث.

وكأننا كنّا مع موعد مع القدر فقدمنا في مقال سابق قبل أسابيع قليلة نبذة عن الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم في ذكرى وفاته أكتوبر 1990، تاركاً وراءه سجلاً من الأعمال والانجازات التي حازت احترام العالم لقائد تفانى في خدمة وطنه وتحقيق حلم الاتحاد.

إسهام الرجلين في بناء صرح الدولة كان عظيماً وبصماتهما معاً تبدو أكثر رسوخاً بمرور الزمن، حيث تتجلى روح الأخوة والإخلاص من أجل تحقيق هدفهما المشترك ببناء بلد عصري حديث يواكب العصر ويمتلك أدواته ومن ثم الوقوف ندّاً مع كبريات الدول في محيطها الإقليمي والدولي.

وبعزيمة رجال لا تعرف المستحيل وضع زايد يده في يد راشد وانطلقا يعقدان الاجتماعات ويذلّلا العقبات ويرسما الخطط والاستراتيجيات إلى أن نجحا في تحقيق حلمهما المشترك بإقامة دولة بات حضورها بارزاً على الصعيد العالمي في مختلف القضايا والملفات.

وبإصرار كبير ورؤية ثاقبة وضعا اللبنات الأولى للدولة التي أصبحت أنموذجاً فريداً ومتميّزاً تحظى باحترام وإعجاب الملايين ممّن يحرصون على القدوم إليها والاستمتاع بقضاء أطيب الأوقات على أرضها في ظل جوّ من الأمن والأمان فضلاً عن حسن الضيافة لشعب أصيل يفتح ذراعيه مرحّباً بالجميع.

يعود سر نجاح الزعيمين في إيمانهما بقيمة الإنسان وحرصهما على رفع كفاءة المواطنين وتوفير فرص الرقي عبر تقديم خدمات تعليمية وصحية فريدة واستقدام الخبرات اللازمة في مختلف التخصصات بهدف تحقيق التنمية المستدامة وإرساء قواعد الدولة الحديثة.

حتى في علاقتهما بالمقيمين على أرض الدولة كانت العلاقة قائمة على أن المقيمين شركاء في عملية البناء والنجاح، وبهذه الفلسفة انطلقت عملية البناء في كل مكان بروح عالية وهمة طموحة تتطلع فجر كل يوم جديد إلى تحقيق المزيد من الإنجازات وكأنها في سباق مع الزمن.

هناك العديد من المواقف التي تعطينا ملمح واضح لطبيعة العلاقة بين القائدين الكبيرين، لكن الأروع والأجمل في علاقتهما – رحمهما الله – أنهما كانا معاً في السراء والضراء على قلب رجل واحد، لعل تلك الروح تكشف لنا بجلاء كيف نتج عنها ما تعيش فيه الإمارات وشعبها الطيب من نعيم.

رحم الله القائدين الكبيرين وجزاهما خير الجزاء جراء ما قدما للأمة والوطن، وحقهما علينا جميعاً وواجبنا تجاه الأجيال الناشئة (التي لم تحظى بشرف رؤيتهما) أن يعلموا سيرتهما العطرة لتكون نبراساً يضيء لنا الطريق حتى نحافظ على الإرث وتتواصل عملية البناء والازدهار وتبقى راية الإمارات عالية دوماً.