Al Bayan

عَلَمُ الإمارات.. راية فخر وانتماء

في الثاني من ديسمبر من عام 1971م، كان لدولة الإمارات العربية المتحدة موعد مع المجد حين رفع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيّان، طيب الله ثراه، عَلَم دولة الإمارات العربية المتحدة، وكانت لحظة فارقة في تاريخ هذا الوطن الذي تجسّدت وحدته الوطنية في رمزية هذا العَلَم الذي أعلن ولادة هذه الدولة المستقلة ذات السيادة الكاملة على ترابها الوطني بعد أن بذل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان مع عضيده المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وباقي حكّام الإمارات، جهوداً مُضنية في سبيل بزوغ نجم هذه الدولة في مرحلة كانت تتسارع فيها وتيرة الانقسام بين أبناء الوطن الواحد، فكان ذلك إيذاناً بميلاد دولة مستقلّة ذات سيادة وعلم تمّ تصميمه ضمن رؤية تجسّد أصالة الإمارات الوطنية وانتماءها العربي العتيد.

وتعبيراً عن عمق الانتماء لهذه الراية الخفاقة بالمجد والفخر، وترسيخاً لقيمتها المعنوية في النفس والوجدان الوطني، أعلن صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، عن يوم العَلَم الوطني عام 2012م، حيث تتزيّن به جميع مؤسسات الدولة، وترفرف هذه الراية الغالية فوق كلّ بيت إماراتي مصحوباً ذلك بمجموعة كبرى من الاحتفالات التي تشارك فيها الدولة وجميع المواطنين والمقيمين في الدولة، تعبيراً عن صدق الانتماء لهذا الوطن المعطاء، وتجسيداً لأروع صور التلاحم بين جميع أبناء الوطن الذين تتكاتف سواعدهم القوية في سبيل أن يظلّ هذا اللواء خفّاقاً في سماء المجد والعز والكبرياء.

وتعبيراً عن مشاعر الاعتزاز بهذه المناسبة الوطنية الغالية كتب صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم تغريدة على حسابه مفعمة بمشاعر الفخر والانتماء لعلم الوطن الذي هو التعبير الحقيقي عن الهوية، أكّد فيها الدلالات العميقة لهذه الراية على ملامح الشخصية الوطنية، وأنها رمز للاتحاد والقوة والوحدة، حيث قال: «عَلَمُنا رمز اتحادنا، ووحدتنا، وقوتنا، راية عزّنا ومجدنا ورمز دولتنا» فالعَلَم هو رمز الاتحاد الذي تزامن ظهوره مع ظهور هذا العَلَم الدالّ على إشراق شمس هذه الدولة الّتي توحّدت في ظروف كانت غاية في الصعوبة، لكنّ الإرادة القوية والنفوس الصافية حقّقت هذا الحلم المستحيل الذي حقّق الوحدة وما تؤدّي إليه من القوة والمنعة ليكون هذا العَلَم هو رمز العز والمجد لهذه الدولة التي اجتمعت فيها إرادة الخير على بناء هذا الوطن النموذج الذي أصبح مثالاً يُحتذى في النهضة والتقدم وبناء الأرض والإنسان.

«حفظك الله عالياً خفّاقاً في سماء المجد، ترفرف عالياً، تعلو معك إنجازاتنا وتستمر مسيرتنا، وتتوحد قلوبنا وجهودنا لخدمة شعبنا ووطننا» وبهذه الكلمات النابعة من أعماق الوجدان يدعو صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد لهذا العَلَم الشامخ أن يظلّ خفّاقاً في سماء المجد، فما دام العَلَم عالياً مرتفعاً، فهو الدليل الساطع على رفعة الوطن وشموخ أبنائه؛ لأنّ العَلَم لا يرتفع إلا بالتفاف السواعد حوله، ومع هذه السواعد المجتمعة يزداد الوطن تقدّماً ومسيرة الإنجازات تطوّراً من خلال وحدة وطنية نادرة تتوحّد فيها القلوب والسواعد من أجل هدف كبير هو خدمة هذا الشعب الكريم وحماية هذا الوطن الحبيب.

«حفظ الله دولة الإمارات المتحدة وأدام عزّها وخيرها ومجدها» وبكلّ هذا الحب والوفاء العظيم يختتم صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد هذه التغريدة الرائعة المكتوبة بمداد القلب، داعياً لدولة الإمارات العربية المتحدة بالحفظ والتمكين مع دوام العز والمجد والسؤدد والخير في بلد الخير والعطاء الذي أسّسه رجلٌ اقترن اسمه بفعل الخير حتى قيل فيه هو «زايد الخير»، وترك ذلك إرثاً راسخاً في قادة هذا الوطن ممن نهلوا من كريم أخلاقه وجميل شمائله التي هي تجسيد حقيقي لكلّ مناقب المروءة والشرف والفروسية النادرة.

وكما كان صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد هو الذي خصّص اليوم الوطني للعلم، كان هو الشاعر الأكبر الذي احتفى بمجد هذا العَلَم، وكتب قصيدته الشهيرة «فرسان العَلَم» التي تجسّد أروع صور الفخر والانتماء لهذا الوطن الحبيب، ونشرها في ديوانه الأفخم «زايد»، حيث رأى فيها تعبيراً عن الوصيّة الخالدة للشيخ زايد باحتضان هذا العَلَم وعدم التفريط به مهما كانت التضحيات.

العَلَم لي كان زايد رافعنِّه
هو أمانتنا نعيش ونرفعه
بالدّما له نفتدي ونذود عنّه
وفي القلوب وفي المشاعر نزرعه
نحن فرسان العَلَم أهل الأعنِّه
سامعه عنا الجهات الأربعه
حول رايتنا قلوبٍ مطمئنِّه
صادقه حول العَلَم متجمِّعه
والعَلَم الأرواح في الشدّه فَدنِّه
رمزنا الخالد ومجده نصنعه
إرفعوه وحيُّوا قلوبٍ حمنِّه
وكلِّنا في وقت واحد نرفعه

تعجز الكلمات عن شرح هذا الشعر النابع من أعمق نقطة في القلب، وحسب أبناء الوطن أن يترنّموا بهذه الكلمات البديعة التي تحكي قصة مجد هذا الوطن، وأن يسيروا خلف صاحب السموّ الشيخ القائد محمّد بن راشد وهم يردّدون هذا النشيد الخالد:

ارفعوه وحيُّوا قلوبٍ حمنِّه
وكلِّنا في وقت واحد نرفعه.