بإطلالته المرتقبة، ومن خلال وَسْم «علّمتني الحياة» ما زال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، يُتحف قراءه ومحبي حَرْفه وفكره بهذه التغريدات المكثفة التي تختزن في أعماقها الكثير الكثير من الخبرات والمواقف.

وتعكس على نحو ساطع القيم الأخلاقية والسياسية والإدارية التي يؤمن بها صاحب السمو ويتحرك من خلالها في بناء الوطن والإنسان، وهي القيم التي كتبها في كتب خاصة مفردة تعالج كل العقبات والتحديات التي يجب أن تواجه صانعي الأوطان، لكنه يختار بين الحين والآخر أن يعتصر هذه الخبرات والمواقف في تغريدة تحمل في طياتها الكثير من الرؤى والأفكار التي تستنهض الهمم وتبعث العزيمة في النفوس، وتبدد ما قد يغشاها من غيوم الترهّل والكسل، فصاحب السمو ذو همة عالية لا يؤمن إلا بالإنسان المتسلح بالعزيمة والمثابرة وعدم الرضوخ للظروف مهما بلغت من الصعوبة والتحديات.

في هذا السياق من الاهتمام بترقية الإنسان ونشر ثقافة العمل والإبداع نشر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد تغريدة عبر حسابه على موقع «إكس» تجمع على نحو فريد بين السبب والنتيجة، لتؤكد في نهاية المطاف أن للوطن فريقاً كبيراً هو المسؤول عن صياغة فكرة التقدم وتنفيذها، وأن تماسك هذا الفريق قيادة وشعباً هو السر الحقيقي في كل مظهر من مظاهر التقدم المادي والمعنوي في هذا الوطن الحبيب.

«يدٌ واحدة لا تصفّق... عقلٌ واحدٌ لا يدبّر... قائدٌ أنانيّ لا يُنجز» بهذه الثلاثية الرائعة يفتتح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد هذه التغريدة الذهبية التي تشتمل على نمط من الحكمة يذكّرنا بحكماء الإنسانية الكبار الذين يستخرجون الحكمة بعد طول التجارب وعمق التحديات، وصاحب السمو منذ تفتّحت عيناه على هذه الدنيا وهو يتحمل المسؤوليات الجسام، ويخوض التحديات تلو التحديات، ويحقق الإنجاز وراء الإنجاز.

ومن تبصّر في سيرته الشخصية والعملية وجد أنه قائدٌ يهتم إلى أقصى حدٍّ بفكرة الفريق المتجانس، وأن القيادة عنده هي في المزيد من تحمّل المسؤوليات واقتحام المناطق الصعبة، فقد علّمته التجارب أن اليد الواحدة ستبقى عاجزة عن إنجاز أي فعل.

وأن الاستئثار بالتخطيط والتفكير لا يمكن أن ينتج عنه إلا سوء التدبير ووخيم العواقب، وأن الأنانية في القيادة ستكون ضئيلة الفائدة ولن يكون لها أي وزن في ميزان العمل والإنجاز والإبداع، فالأوطان لا تتقدم إلا بالعقول المتعاضدة والسواعد المتماسكة والرؤى المتجانسة.

«تُحدِّثُني عن الإنجاز... أُحدِّثُك عن الفريق، تُحدِّثُني عن الانتصار... أُحدِّثُك عن همة وعزيمة الفريق، تُحدِّثُني عن الأمان والاستقرار... أُحدِّثُك عن ترابط الفريق وتعاضده وتكاتفه» في هذا المقطع من التغريدة تفصيلٌ لما تم إجماله في المقطع السابق، وتركيزٌ على سر النجاح المتمثل في فريق العمل، وهي الفكرة التي يُوليها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد اهتماماً كبيراً في فكره وعمله ومنجزاته.

ويرى فيها صمام الأمان الذي تتحرك من خلاله مسيرة التنمية في الدولة، فهو لا يؤمن بالدور الأسطوري للفرد، ويؤمن بأن الفريق القوي المتجانس المستعد للعمل بأقصى طاقاته هو الذي يُعتمد عليه في بناء الوطن وتحقيق المنجزات والمكتسبات، وبحسب عبارة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في كتابه «رؤيتي في الصفحة 80»:

«فإن فرق العمل هي مغاوير التنمية، ووظيفتها تنفيذ المهمات الحرجة التي تضمن تحقيق النصر في حرب التنمية» وها هو يؤكد عمق هذه الفكرة في هذه التغريدة، فيربط بين الإنجاز وبين الفريق، فلا إنجاز من دون فريق، ولو حصل فسيكون جزئياً ومنقوصاً، فإذا جئنا إلى النتائج التي هي تحقيق المنجزات على أكمل وجه فإن ذلك حاصلٌ أيضاً بهمة الفريق وعزيمته، فإذا تحدثنا عن ثمرة ذلك كله.

والذي يتجسد في شيوع الأمن والاستقرار في المجتمع فإن ذلك أيضاً هو ثمرة تكاتف الفريق وتعاضده وتلاحمه على نحو يثمر كل هذه الثمرات الطيبات التي تمنح الحياة طعمها الإنساني الفريد.

«تُحدِّثُني عن الدول الناجحة، أُحدِّثُك عن الروح التي تربط قيادتها بشعبها، والمحبة التي يدين بها الشعب للقيادة، والولاء الذي يربط الجميع بالوطن»، في هذا المقطع من هذه التغريدة المبدعة يتسع أفق الرؤية في كلام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد.

ويتحدث عن نجاح الدولة/الوطن، وأن ذلك هو ثمرة ذلك الرابط الروحي الصادق الذي يربط بين القيادة والشعب من خلال عقد الولاء والثقة والمحبة التي تأسست عليها هذه الدولة منذ أن حباها الله تعالى بالقائد المؤسس وإخوانه الفرسان من حكام الإمارات الذين تعاقدت قلوبهم على حب الشعب والوطن.

فكان ثمرة ذلك هو هذه الدولة التي حققت في مسيرتها ما يشبه المستحيل بفضل هذا الرباط الوثيق الذي يربط بين القيادة والشعب، وصدق الولاء الذي يتجلى في هذا التلاحم النادر بين أبناء الوطن الواحد خلف قيادة حكيمة قد أخذت على عاتقها أن يكون الوطن والإنسان هو الهم الأكبر والمنجز الذي يستحق كل بذل وعطاء.

«الوطن فريق كبير... والفريق الكبير وطنٌ للمبدعين» هذه هي خلاصة الخلاصات في فكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد: أن الوطن كل الوطن هو الفريق الكبير الذي ينتمي إليه الصغير قبل الكبير، وهو الخيمة التي يأوي إليها كل عاشق لهذه الديار، والظل الظليل لكل من يحب الإمارات ويسعى في رفعة شأنها وترسيخ مجدها، فإذا كان ذلك كذلك، وهو كذلك، فإن الفريق الكبير سيكون وطناً لكل المبدعين الذين يجدون في عمق الانتماء لوطنهم أصدق صور العطاء، وأبهى مقومات الإنجاز والإبداع.