أعلى الفوائد تأتي من الاستثمار في المعرفة. تناولنا في المقالات السابقة بعضاً من فوائد تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم، وفي الواقع، فإن هذه الفوائد لا تقتصر على بيئة التعليم أو على الطلاب أو المدرسين، بل تتعدى ذلك إلى فئات واسعة من المجتمع المعني بعملية التعليم من أفراد وهيئات. إذ يمكن لتطبيقات الذكاء الاصطناعي مساعدة هيئات التعليم على تطوير وسائل ومناهج التعليم، ومساعدة أولياء الأمور في دعم ومساندة الطلاب، لتحقيق المزيد، والتقدم في رحلتهم الدراسية على نحو أكثر كفاءة وفاعلية.

بالنسبة لأولياء الأمور، توفر استخدامات الذكاء الاصطناعي ما يلي:

المساعدة في الواجبات المنزلية: يمكن أن تساعد الأدوات التي تعمل بنظام الذكاء الاصطناعي الطلاب في العديد من الواجبات المنزلية، بما في ذلك كتابة المقالات، وحل المشكلات الرياضية، والبحث في الموضوعات الدراسية المختلفة.

توصيات بمصادر التعلم: بناء على اهتمامات الطالب واحتياجاته التعليمية، يمكن للذكاء الاصطناعي التوصية بالكتب التعليمية ومقاطع الفيديو والألعاب والتطبيقات المفيدة.

مراقبة وتقييم التقدم الدراسي: تسمح بعض أدوات الذكاء الاصطناعي لأولياء الأمور بتتبع تقدم أبنائهم في مواضيع محددة، ما يوفر معلومات عظيمة الفائدة عن أداء هؤلاء الأبناء.

بالنسبة لهيئات التعليم ووزارات التربية والتعليم، يمكن أن تساعد نماذج اللغة الذكاء الاصطناعي في ما يلي:

تطوير المحتوى: يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي هيئات التعليم المسؤولة عن المناهج على إنشاء مواد تعليمية عالية الجودة، مثل الكتب المدرسية وخطط الدروس والتقييمات المصممة حسب المعايير المحددة.

التطوير المهني الشخصي: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لخلق فرص تطوير مهني شخصية للمعلمين، مع التركيز على المجالات التي يحتاجون فيها إلى دعم أو تدريب إضافي.

اتخاذ القرارات: من خلال تحليل مجموعات البينات الكبيرة من البيانات التعليمية، يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة صانعي السياسات على تحديد الاتجاهات، وتقييم فعالية البرامج، واتخاذ قرارات تعتمد على البيانات، لتحسين النتائج التعليمية لجميع الطلاب.

لقد عملنا في هذه السلسلة من المقالات، على تناول المواقف المعارضة للذكاء الاصطناعي وتطوراته، وكيف أن هذه المواقف ترى في الذكاء الاصطناعي خطراً داهماً على البشرية، مثيلاً لصندوق الشرور في الأسطورة الإغريقية، واستعرضنا في إطار هذا الموقف، التحديات والمخاوف التي يطرحها هؤلاء المعارضون.

ومن بعد، حرصنا على تقديم موقف الأنصار والمتحمسين لاستخدامات الذكاء الاصطناعي، وكيف أن هذا الموقف يرى الذكاء الاصطناعي مصباح علاء الدين في ألف ليلة وليلة، من حيث قدرة هذا المصباح على تحقيق أمنيات صاحبه، من خلال جنّي المصباح. وانطلاقاً من هذا الموقف المؤيد للذكاء الاصطناعي في التعليم، تناولنا الفوائد والمنافع التي يوفرها، ويعد بتوفيرها الذكاء الاصطناعي لمؤسسات التعليم والطلاب والمدرسين، وهيئات التعليم وأولياء الأمور، وبالتالي، لجميع فئات وأفراد مجتمع التعليم.

وإذا كان ختاماً لا بد من إبداء الرأي وتحديد الموقف بشأن الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في التعليم العالي، فإني أميل إلى تبنّي هذه التكنولوجيا الجديدة، والاستفادة منها إلى أبعد مدى في تغيير مشهد التعليم العالي، وإعادة هندسة نشاطات التعليم العالي بكل أركانها، مع عدم تجاهل الأصوات التي تنبه إلى المخاطر والتحديات التي تترافق مع هذه الظاهرة التقنية، التي لا تعد جديدة تماماً في عالم التعليم العالي، لكن التطورات التي حدثت فيها مؤخراً، نبهت الجميع إلى إمكاناتها الهائلة، وتحدياتها التي لا يستهان بها.

في عجالة ودون إطالة، أعتقد أنه يجب علينا أن نظل متفائلين بشأن التقنيات الجديدة، ولكن مع الاستماع إلى المخاوف والتحفظات، وفي هذا الموقف منافع كثيرة، وإنجازات وفيرة.