في اليوم الوطني الثالث والخمسين لدولة الإمارات، لن ينسى شعب الإمارات زايد وراشد، فمن فكرهما بزغ الاتحاد، ومن خلال جهودهما المباركة خطى الاتحاد أول خطواته.

لقد تبلورت فكرة الاتحاد في ذهنيهما، وعلى الرغم من الصعاب المتوقعة، إلا أنهما صمما على مواصلة طريق الوحدة، ليصبح الاتحاد نموذجاً ناجحاً في زمانه ومكانه.

وكان للآباء المؤسسين دور مهم ومساند لقيادة الاتحاد. فلولا الجهود المشتركة لزايد وراشد، والرغبة الصادقة من قبل كلا الطرفين في أن يروا هذا الصرح وقد تأسس وبرز، لما تبلورت فكرة الاتحاد ونمت.

ولا يسعنا إلا أن نستذكر المآثر الخالدة لرواد الاتحاد من قيادات سياسية، وقامات وطنية، ساندت صناع القرار، وقدمت لهم الدعم والمشورة، ليولد الاتحاد قوياً وشامخاً.

في اليوم الوطني لدولة الإمارات، نستذكر أيضاً قامات وطنية، كان لها دور مهم في بناء وترسيخ دعائم الاتحاد.

فإلي جانب الآباء المؤسسين، ظهرت مجموعة من الشخصيات الوطنية، تركت بصمة قوية على الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية، وكان لها دور فاعل في ترسيخ دعائم الاتحاد.

تلك القامات الوطنية، أو ما يطلق عليها «الكنوز الوطنية»، لعبت دوراً ملهماً في بناء الاتحاد، انطلاقاً من رغبتهم في أي يروا الاتحاد وقد ارتفعت رايته، وتجمّع شمله.

نعم، لقد تبلورت فكرة الاتحاد في ذهن مؤسسي هذا الصرح، زايد وراشد، اللذين اجتمعا في خيمة صغيرة في «سيح السديرة»، وخططا معاً لقيام كيان موحد، يجمع الإمارات السبع في دولة واحدة.

زايد وراشد جمعتهما رغبة مشتركة في أن يريا الاتحاد وقد ترسخت أقدامه، وامتدت إنجازاته، لتبلغ عنان السماء. تلك الرغبة قادتهما في النهاية لإعلان دولة الإمارات العربية المتحدة.

ومع زايد وراشد، ظهرت ثلة من القامات الوطنية، جاءت من كافة أرجاء الإمارات، وشاركت بكل فعالية في إنجاح الاتحاد، ووصوله إلى مصاف الدول الناجحة.

من تلك القامات الوطنية، من لعب دوراً فاعلاً على الساحة السياسية، مثل أول وزير خارجية لدولة الإمارات، وأول وزير بترول، أحمد خليفة السويدي، ومانع بن سعيد العتيبة، وهما من أوائل الشباب المواطن الذي سافر للخارج، ونهل العلم، وعاد برغبة قوية في خدمة بلده، فكانا أول سفيرين حقيقيين لوطنهما الإمارات.

من تلك القامات أيضاً من لعب دوراً على الصعيد الاقتصادي والثقافي والخيري، مثل جمعة الماجد، وسيف الغرير، وماجد الفطيم، وسلطان بن علي العويس، الذين تركوا بصمة قوية على الاقتصاد والثقافة والعمل الخيري والإنساني، فكانوا خير سفير لوطنهم.

من هؤلاء أيضاً من ترك بصمته على الساحة الثقافية والعلمية، مثل الأخوين تريم وعبد الله عمران، اللذين ساهما وبفعالية في الاهتمام بتأسيس بنية تعليمية وثقافية حديثة.

تلك القامات شغلت ساحات السياسة والاقتصاد والتعليم والثقافة في بدايات الاتحاد، وكانوا لصناع القرار عوناً وسنداً.

كانت تلك الشخصيات نواة الشباب المواطن آنذاك، الذي حمل لواء خدمة الوطن بكل جدارة واقتدار، وكانوا أول الغيث الذي روى أرض الإمارات بالخير.

إنهم الرواد، كل في مجاله. ولن تنسى الإمارات أولئك الشباب المواطن، الذي جاء من مختلف أنحاء الدولة، وأبدى رغبة في المشاركة الجادة في تفعيل دور الإمارات في كافة المجالات.

فقد دخلوا السلك الدبلوماسي، ليمثلوا الدولة في المحافل العالمية، وانخرطوا في سلك الجندية، ليكونوا نواة للجيش الإماراتي الذي يحمى الإمارات، كما كونوا طبقة المعلمين الأوائل، الذين تربت على أيديهم أجيال من شباب الإمارات، هم أيضاً أوائل الأطباء والمهندسين، وكل من يعمل في سلك الخدمة العامة.

الإمارات اليوم، وهي تحتفي بالذكرى الثالثة والخمسين، لن تنسى فضل وإسهامات كل من ترك بصمة في تدعيم الاتحاد، وبالطبع، لم تنسَ إسهامات الإخوة العرب الذين ساهموا في رسم مستقبل الاتحاد، أو دعمهم المتواصل لصناع القرار، حينما كانت الإمارات تخطو أولى خطواتها نحو المستقبل.

الإمارات، وفي يومها الوطني، تستذكر مآثر الآباء المؤسسين، ولكنها أيضاً تستذكر فضل القاعدة الشعبية التي وقفت مع الآباء المؤسسين، وكانت لها العون والسند. ولولا جهود هذه الفئة ودعمها المتواصل، لما وقف الاتحاد على قدميه، وقدم نموذجاً ناجحاً لتكاتف القيادة مع الشعب.

لم يكن قيام الاتحاد واستمراريته أمراً سهلاً، بل صادف العديد من التحديات، ولكن ذلك الحلم الذي بقي حياً لأجيال طويلة في الذهنية الإماراتية، سرعان ما تغلب على كل العوائق، وبرز ككيان اتحادي قوي، كان ذلك بفضل القيادة السياسية التي آمنت بقهر المستحيل.

وبفضل تكاتف شعب الإمارات مع قيادته، تم إعلان الاتحاد في وقت كانت المنطقة بكاملها تمر في ظروف سياسية واقتصادية صعبة، ولكن لإصرار زايد وراشد على متابعة حلمهما، والرغبة التي أبداها شعب الإمارات، تحول الحلم إلى حقيقة واقعة.

إن اليوم الوطني هو تذكير لنا بأننا قادرون على متابعة حلمنا، خاصة أن ما يجمعنا كشعب من الروابط المشتركة، يجعلنا أمة واحدة.

جامعة الإمارات